نافذة على --- من حياة الإباء القدسيين

يوسف بين الخير والشر

القديس قبريانوس والقديسة يوستينه

أنبا هدرا السائح الأسواني

القديس متياس الرسول

رئيس الملائكة ميخائيل

صداقة القديسن مار مينا والبابا كيرلس السادس

   

تجلي كلية الطهر السيدة العذراء بكنيسة الزيتون

     

أم الغلابة (أم السيد)

القديس موريس موريتيوس آباء سواح

"الأعجوبة العظيمة لرئيس الملائكة ميخائيل مع الفتى تلاصون والغني"

القديسة مارينا الناسكة

الأنبا إيليا السائح
البابا القديس كيرلس الأول الأنبا كاراس السائح أنبا غاليون السائح
الأنبا صموئيل المعترف القديس القمص يسى ميخائيل – قديس كوم غريب ، طما الأنبا ستراتيوس السائح
"فستلد إبناً وتدعو إسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (مت 1 : 21) القديس آفافيني (أبو فانا) المتوحد
بناء أول كنيسة لمار جرجس ببلدتي برما وبئر ماء بالواحات

يعقوب وعيسو

القديس زوسيما

  لقديسة فيرنا
   
  االقديسة مريم الإسرائيلية

 

أنبا هدرا السائح الأسواني

شهية ومملوءة رائحة عطرة ، سيرة أبينا الطوباوي أنبا هدرا قديس أسوان المحلي، ذي الاسم الحسن والحياة المملوءة جهاداً وقتالاً  ضد قوات الظلمة ، الحياة المكللة بقمم الانتصارات الروحية.
 
ولد ونشأ القديس الأنبا هدرا في أسوان .
 كان يقيم بمدينة أسوان  خائفاً الله سالكاً في طرقه وجميع وصاياه ، حافظاً لكتب الله الجليلة وديعاً طاهراً عفيفاً، ملازماً للأصوام والصلوات ، ودخول البيعة المقدسة باكراً وعشية. فلما نشأ قليلاً أراد أهله أن يزوجوه، فلم يقبل ، ذلك لأنه كان طالباً التقشف والنسك، وكان يسأل الله الليل والنهار أن يرشده إلى الطريق المستقيم.
 
فلما كان في بعض الليالي إذ بشخص منير يقول له: يا هدرا يا هدرا لا تبطئ عن النهوض إلى ما اهتممت به من الفكر الصالح ، بل قم مسرعاً وتممه ، فقام مسرعاً ومضى على البيعة مصلياً كعادته ، سائلاً الله أن يعينه ، وأن يرشده إلى ما فيه خلاص نفسه الأبدي ، وكان يتلو المزمور القائل "طوباهم الذين بلا عيب في الطريق السالكون في ناموس الرب" (مز 118: 1).
 
وفيما هو كذلك إذا بميت محمول قد أتوا به فلحقته خشية كبيرة عند رؤية ذلك الميت فترك أهله وماله ومضى إلى الدير بمنف.
 
وقد وجد داخله أناساً قديسين كملائكة الله، فأقام عندهم أياماً يصنع الصلوات، ولما سمع أهله بخبره ذهبوا إليه بالدير قائلين له: ما هذا الذي فعلته ، تركت أموالك وكل مالك ، وفعلت بنفسك هذا، فلم يسمع لقولهم ولم يكلمهم البتة ، فيئسوا منه ، ومضوا وتركوه. وإذ رأى أب الدير قوة عزمه ، ونشاطه ، وكثرة نسكياته ألبسه إسكيم الرهبان ، فسار في السيرة الملائكية واستنارت نفسه من التعاليم الإلهية والوصايا الرسولية، وصار مداوماً على الأصوام والصلوات والسهر وقراءة الكتب المقدسة ، كما أنه اقتنى جميع طرق القديس الشيخ الناسك أنبا بيمن (المولود نحو سنة 350 م بإحدى مدن مصر) إذ كان تلميذاً له حتى صار إبناً خاصاً له...
 
فلأجل الاهتمام الكلي بما هو للرب، بلا نقص أو إرتباك امتنع أبونا الروحي القديس الأنبا هدرا عن استجابة مطلب أهله من جهة الزواج، تاركاً العالم وما فيه مصراً على ذلك بلا عودة أو تردد تلبية لتعاليم شخص معلمنا الأعظم الرب يسوع المسيح القائلة: "من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني. ومن لا يأخذ صليبه ويتبعنى فلا يستحقني ... ومن وجد - (أي دلل ومتع)  حياته يضيعها. ومن أضاع حياته – (أي بذل حياته الزمنية) – من أجلي يجدها" (مت 10 : 37 – 39)
 
بل طوباك يا أبانا البار المكرم أنبا هدرا لأنك لبست الشكل الملائكي الذي لإسكيم الرهبان ، وصرت عظيماً من بين هذه الطغمة السامية ، التي تغنى فيها مختبروا حلاوتها ، الذين تمتعوا ببهائها ، التي قال فيها الآباء الشيوخ : لا تكون تحت السماء أمة مثل المسيحيين إذا أكملوا ناموسهم.
 
الأنبا هدرا وحياته التوحدية
"وكان في البراري على يوم ظهوره لإسرائيل" إسهروا إذاً وتضرعوا كل حين" (لو 1 : 8، لو 21: 36)
سأل الأنبا هدرا معلمه الأنبا بيمن – أن يطلق له السبيل في المضي إلى البرية ليختبر الوحدة. فلما كان بعض الأيام أخذ القديس  الشيخ أنبا بيمن القديس أنبا هدرا وأخذ معه قليل خبز وماء وسارا إلى أن وصلا إلى مكان يسمى بالمتوحدين ، فطلب القديس من أنبا هدرا أن يسكن هناك ووضع عليه قوانين بأصوام وصلوات ، وأقام عنده أياماً يدربه على قتال العدو وأوصاه ألا يبطل شغل يديه ثم تركه ومضى.
 
أقام القديس أنبا هدرا داخل المغارة وزاد على فضائله التي كان يمارسها في الدير ، حتى أن بعض الإخوة السواح الذين كانوا إلى جانبة لما رأوا كثرة تقشفه وعبادته ، قالوا له : يا أخانا الحبيب إن كل شيء يكون بمقياس ، جيد هو ، أجابهم القديس أنبا هدرا بقول صالح وتواضع: إن كل ما أفعله لا يقوم مقام خطية واحدة من خطاياي، فإذ سمع أولئك الإخوة هذا الكلام اتعظوا  به ومضوا ، وتركوه مخبرين الإخوة الآخرين بجميع ما قاله لهم ، وكانوا من وقت لآخر يأتون إليه متشبهين بأفعاله ، متغذين من تعاليمه الحية ، متعجبين من اتضاعه وانسحاق نفسه.
 
وكان الناس يتقاطرون إليه من كل الأماكن لسماع تعاليمه فكان يعزيهم بالكلام الروحي فشاع خبره واشتهر في جميع البلدان ، وكثرت زيارات الناس له فكره ذلك وقصد أن يهرب إلى مكان لا يعرف فيه . فاستشار الأب الشيخ أنبا بيمن معلمه فأذن له بذلك وودعا بعضهما بعد أن صنعا صلاة ومضى القديس هدرا ماشياً إلى البرية الجوانية يسأل الرب أن يدبر له مكاناً يختاره ، فكان الموضع مسيرة ثلاثة أيام ولا يأويه إلا الوحوش الضارية وهوام الأرض. فلما رأوا القديس أنبا هدرا واقفاً أرادوا أن يفترسوه فبسط يديه وصلى هكذا قائلاً: يا ربي يسوع المسيح الذي أخضع الأسود لدانيال النبي في ذلك الزمان ، اصنع رحمة مع عبدك وأبعد عنى خوف هذه الوحوش الكاسرة، وللوقت قبل الرب صلاته وأبعدهم عنه فلم يؤذوه بل صاروا مستأنسين له كالناس...
 
لقد سلك أنبا هدرا في ظل رغباته الروحية وأشواقه النسكية المقدسة مسلكاً حسناً جداً قاطعاً شوطاً طويلاً للغاية، الأمر الذي تجلى في طلبة حياة الوحدة إلى أبعد حدودها –   ومما تقدم من سيرة حياته الفاضلة  قطع هذا الشوط الطويل في ظل إرشاد حكيم من أب روحاني مختبر عميق .
 
ثم استمر يصنع صلوات كثيرة ونسكيات ، فإذا عدو الخير الذي هو الشيطان ، صار يفزعه بأشكال مخيفة ومناظر مفزعة ، ويظهر له في شكل نساء جميلة الصورة ، لكي يوقعه في شباك الخطية المهلكة ، لكن القديس أنبا هدرا كان يقوى عليه ويقهره بقوة الصليب المقدس فينفضح ويضمحل.
وإذ سقطت قوة القديس أنبا هدرا من كثرة النسك والتقشف وصار مطروحاً على الأرض ، غير قادر على الحركة ، أتى إليه شخص نوراني وبيده إناء مملوء من الدهن فأفاض على رأسه قائلاً: قد شفيت يا هدرا من سائر أمراضك ، فاستيقظ القديس فوجد نفسه قد شفى وكأنه لم يصبه ألم البتة ، فعلم أن قوة إلهية قد أدركته ، إلا أن عدو الخير الشيطان حسده فصار هو جنوده يفزعونه بأشكال مخيفة ، ثم ظهروا له مواجهة ، وقالوا له : أليس أنت تغلبنا فسوف تنظر ما سيحل بك عقاباً من جهتنا . فرشمهم القديس بعلامة الصليب المجيد ، فولوا هاربين بخزى شديد. مقدماً الصلاة هكذا قائلاً: أيها الرب إلهي الذي هزم إبليس وجنوده الأشرار بصعودك على الصليب الحيى، خلصنى الآن من هؤلاء الأشرار المحيطين بي القائمين علي. ثم صار يتلو المزمور القائل:
"خاصم يا رب مخاصمي، قاتل مقاتلي، إمسك مجناً وترساً وأنهض إلى معونتي ..." (مز 35: 1، 2). وبذلك كان ينتصر عليهم ويقوى على قتالهم.
 
وإذ أتى إليه القديس الأنبا بيمن ليفتقده ، أخبره بكل ما جرى له ، سائلاً إياه أن يحضر إليه سيرة القديس الأنبا أنطونيوس ليتعزى ويتقوى بها على حرب الشياطين، الذين لم ينقطعوا عن قتالاتهم له ، وكان الأب الشيخ الأنبا بيمن  يأتى إليه كثيراً ليفتقده ... وإذا كان ينام عنده كان ينظر نوراً عظيماً فيتعجب من ذلك . وفي ذات ليلة بينما كان القديس الأنبا هدرا نائماً في مغارته ، إذا بأصوات ورعود وإنزعاج كثير فتقدم واحد من الأجناد الشريرة وضربه بسيف فقطع ذراعه فوقع القديس ملقى على الأرض كالميت ، وللوقت ظهر له ملاك نوراني وأنهضه قائلاً له : يا هدرا تقوى فإن السيد المسيح له المجد لا يتخلى عنك ولا يتركك وهوذا قد أرسلني إليك لأشفيك ، ثم أخذ يده المقطوعة ووضعها في مكانها فالتصقت ، وكأنها لم يصبه ألم البتة ، ثم ثواه وعزاه وأعطاه السلام وصعد إلى السموات .
 
فلما كان غد ذلك اليوم ، أتاه القديس الأنبا بيمن ليفتقده ، فاشتم بالمكان رائحة طيب مختار ، وإذ سأله من ذلك ، أخبره بكل ما حدث له من تجارب العدو ، وخلاص الله له ففرح أبوه الروحي كثيراً.
 
وقد أعطاه الرب يسوع المسيح موهبة الشفاء فكان يضع يده على المرضى بسائر الأنواع فيعافون، وكذلك الذين بهم الأرواح الشريرة كان يصلي عليهم فيشفون ، ومع ذلك كان متضعاً يعطي لنفسه الويل في كل حين ويقول: هذا الفعل الذي أنا أفعله هو من قبل الله العلي.
 
وكان لباسه في الشتاء مسح شعر وفي الصيف ثوب من جلد ، ولم يكن له سوى جبة واحدة من صوف أبيض يلبسها عند تناوله الأسرار المقدسة.
 
ويقول الأب يوحنا كاسيان (كتاب حياة الصلاة الأرثوذكسية) "يقول الأباء أن الذي يرسم ذاته بعلامة الصليب في عمله بلا اهتمام أو ترتيب فإن الشياطين تفرح به . أما الذي في روية وثبات يرسم ذاته بعلامة الصليب من رأسه إلى بطنه ثم كتفه الأيسر إلى الأيمن ، فهذا تحل عليه قوة الصليب وتفرح به الملائكة".
 
ويقول أيضاً "إنه مدهش بالحق وغير مدرك ، كيف أن قوة المسيح تحل في رسم الصليب فإطفاء الحريق وطرد الشياطين ، وتسكين الآلام ، وشفاء المرضى، ولكن بالضبط سر غير مدرك كحلول الروح القدس في الخبز والخمر فيصيران لحماً ودماً".
ويجيب عن سر خوف الشياطين ورهبتهم من الصليب قائلاً: "إن الشياطين ترتعب من منظر الصليب وحتى مجرد الإشارة به باليد ، لأن السيد المسيح له المجد ظفر بالشيطان وكل قواته ورئاسته على الصليب ، وجردهم من رئاستهم وفضحهم علناً، فصارت علامة الصليب تذكيراً لهم بالفضيحة وإشارة إلى العذاب المزمع أن يطرحوا فيه".
"فإن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله" (1 كو 1: 18).
إذن لا ترهب بل تسلح :
لعلك رأيت وفي وضوح تام كيف أن في الصليب قوة وانتصار فلا ترتعب إذن من أعدائك، لكن تسلح بهذا السلاح الإلهي، طالباً إلهك في كل حين ، فليس للشيطان سلطان عليك، فهذه حقيقة يؤكدها الكتاب المقدس ، كما تؤكدها أقوال الأباء القديسين أيضاً .
 
فلما تقدم سن قديسنا البار الناسك أنبا هدرا مضى من مكان الوحدة في البرية الجوانية – إلى بعض الأديرة ليسكن فيها حيث حبس نفسه في قلايته ، وكان يصنع عجائب كثيرة وفيما هو نائم في بعض الليالي رأى إنساناً لابساً شكل الأسقفية وهو جالس على كرسي ، فخاطبه قائلاً: "تمسك بالإيمان الذي قبلته من الأباء القديسين ولا يفحص أحد بتشكك عن سر الثالوث القدوس ، الآب والإبن والروح القدس ، ثلاثة أقانيم في لاهوت وجوهر واحد. كذلك عن الإبن الكلمة الوحيد الجنس ، الذي تجسد ومات لخلاص جنس البشر ، وقام من بين الأموات بقوة لاهوته وجلس عن يمين الآب في علو مجده ، وسوف يأتي ليدين الأحياء والأموات . هذا هو أساس البيعة ورجاء المؤمنين المسيحيين.
فلما أكمل هذا الكلام مع القديس أنبا هدرا قام عن كرسيه وأشار بيده نحوه قائلاً له : قد وهبتك هذا الكرسي ، وهذا يكون لك عوض أتعابك – وفي هذا العالم – وبعد ذلك اختفى عنه.
فقام أنبا هدرا مسرعاً، وكتب هذه الرؤيا بخطه ، وكان يتذكرها مراراً كثيرة ، لكنه لم يعلم أحداً بذلك إلا لما دعاه إلى رتبة الأسقفية ، إذ أعلم الشعب بالرؤيا ، داعياً إياهم إلى خوف الله وتقواه وتعاليم الكتب الإلهية.
 
وكان يهتم بالمساكين والغرباء ويفتقد المحبوسين ويصنع العجائب والآيات، إذ كان المرضة يشفون بصلاته ، ولم يكن يفتر عن تعليم الشعب وتثبتهم على الإيمان المستقيم محذراً إياهم عن الخروج إلى الطريق المعوج . وكان صابراً على المحن والتجارب ، وبنعمة الله كانت البيعة المقدسة والشعب في أمن وسلام مدة أسقفيته . فلما رأى الرب صنيعه الحسن ، وكثرة أتعابه أراد أن ينقله من الدار الفانية إلى نعيم الحياة الباقية بعد أن وصل على شيخوخة صالحة ، فمرض قليلاً مضجعاً  على الأرض ، فاجتمع الآباء الكهنة والرهبان وسائر شعبه لتوديعه بألم شديد ، قائلين له: لما تتركنا يا أبانا وتمضي ، ونحن محفوظين بصلاتك ، فعزاهم بكلامه الروحي وأوصاهم أن يثبتوا على الإيمان المستقيم ، وحفظ الوصايا الإلهية والمثابرة على الأصوام والصلوات المفروضة ، والرحمة لكل واحد وقال لهم أعلموا يا أولادي : أن في وقوفنا بالبيعة لنحسب أننا قائمون أمام الله.
 
فلنقف بخوف ورعدة لكي نستحق الرحمة يوم الدينونة أمام كرسيه بلا عيب ، اصنعوا المحبة بعضكم لبعض بالقلب السليم ، وكثرة المحبة والرحمة ، ردوا كل ذي حق حقه، ولا يكن عندكم أخذ بالوجوه ولو محاباة ، ولترتلوا بالتسابيح الروحانية في بيعته المقدسة ، ممجدين القدير ، كونوا متيقظين وإعلموا أنكم ستنقلون  من هذه الدنيا ، فلا تكونوا متوانيين عن فعل الأعمال الصالحة لتنالوا الخيرات الدائمة .
وبعد ذلك باركهم وودعهم وأسلم الروح بيد الرب الذي أحبه في اليوم الثاني عشر من شهر كيهك في تملك الملك المحب لله ثيئودوسيوس فناح الجميع عليه ، مجهزينه كما يليق بكهنوته ودفنوه في البيعة المقدسة ، وكان يظهر من جسده أشفية وعجائب، وكان رجاء صالحاً لكل من يقصد بإيمان قوي ، ولا يستطيع إنسان أن يصف كل عجائبه .
 
فلنسأل الرب بشفاعته المقبولة أن يغفر خطايانا ويسامحنا عن آثامنا وهفواتنا ، ويمحي ذنوبنا ، ويتجاوز عن سيئاتنا ، ويعيننا بصالح الأعمال قبل فروغ الآجال ، وأن يعل باب بيعته مفتوحاً في وجوهنا على مر الأجيال والأزمان ، وأن يسمعنا الصوت الفرح القائل : "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم منذ تأسيس العالم " بشفاعة ذات الشفاعات معدن الطهر والجود والبركات ، سيدتنا كلنا ، وفخر جنسنا العذراء الدائمة البتولية ، القديسة مريم ورؤساء الملائكة ، والملائكة الأطهار ، وأبائنا الرسل الأبرار ، وسائر الشهداء والقديسين ، وكل الذين أرضوا الرب بأعمالهم الصالحة.
 
أمين وعادل هو إلهنا ، قد كلل جهاد أبينا البار الأنبا هدرا بهذه الرتبة الثمينة ، رتبة الأسقفية الجليلة ، التي قال عنها الوحي الإلهي :"ولا يأخد أحد هذه الكرامة بنفسه بل المدعو من الله ، كما هارون أيضاً" (عب 5: 4) فهي كرامة بحق ، وإن كان مسئولية جسيمة . وكرامة عظيمة ، لانها تضيف إلى نعمة البنوة بالتبني بالنسبة للإنسان كرامة أخرى إذا تجعله وكيلاً للرب الإله
 (تي 1: 7) وكيلاً لسرائره المقدسة (1 كو 4: 1) مقاماً على عمل صالح (2 تي 3: 1) .
تذكار نياحته في اليوم الثاني عشر من شهر كيهك صلاته تكون معنا آمين.
 
القمص أرميا زكي ، وكيل مطرانية أسوان.

EL/01.12.2003

 

 
مديح لقديس أسوان
(على الطريقة الكهيكية)
 
1 – هيا يا بني الإيمان                نطلب شفاعة وإحسان          من قديس أسوان أبينا أنبا هدرا
2 – يا اسم جميل غالي                ديرك مبني وعالي             ملان بالقلالي أبيينا أنبا هدرا
3 – أسقف ناسك عابد         مصلي ومجاهد                 وللعالم زاهد أبينا أنبا هدرا
4 – بفضائل كثيرة            قلبك ملان غيرة                        بهمة كبيرة أبينا أنبا هدرا
5 – يا رجل المعجزات                سموت في الروحيات           إلى أعلى الدرجات أبينا أنبا هدرا
6 – في سياحة روحية                 وحياة تقوية                    عطرات البرية أبينا أنبا هدرا
7 – بسلاح الطهارة            حاربت بجدارة                 في خدمة جبارة أبينا أنبا هدرا
8 – غلبت شيطان غدار       يزأر كأسد جبار                        بالصليب القهار أبينا أنبا هدرا
9 – أحرقته بصلاتك          وعمق طلباتك                  وبكثرة مطانياتك أبينا أنبا هدرا
10 – في خدمة وإرشاد                جمعت حولك عباد             يا عظيم في الجهاد أبينا أنبا هدرا
11 – رجل عاقل وحكيم       لأبينا أنبا هدرا                 نقدم التكريم لأبينا أنبا هدرا
12 – لا تمدحك كلمات        اسمك ملآن بركات             يا جزيل الصفات أبينا أنبا هدرا
13 – طوباك ثم طوباك               والمسيح أعطاك                        وجهك كوجه ملاك أبينا أنبا هدرا
14 – السلام لك يا مختار      يا ما هديت أشرار             إلى نور الأنوار أبينا أنبا هدرا
15 – اشفع في أثمة وخطاه    أمام عرش الإله                        لنحظى بالنجاة أبينا أنبا هدرا
16 – ومن أحيا كرسيك       أذكره أمام فاديك                من أجله نناديك أبينا أنبا هدرا
17 – أذكر أسقفنا الجليل      راعي وديع ونبيل              يحمل راية الانجيل أبينا أنبا هدرا
18 – كاتب هذه السيرة                قلبه مملوء غيرة               أجعل حياته منيرة أبينا أنبا هدرا
  لقداسة الأب الحبيب القس داود بطرس كاهن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأسيوط.
 EL/08.01.2004

 

القديس قبريانوس والقديسة يوستينه

 

كان قبريانوس كافراً وساحراً، تعلم السحر ببلاد المغرب حتى فاق كل أترابه. ثم حمله الغرور بمقدرته أن يذهب إلى أنطاكية ليتحدى من فيها من السحرة ويفتخر عليهم بعلمه، ولما وصلها، شاع ذكره، وبلغ مسامع شاب من أولاد أكابرها، كان قد هوى شابة مسيحية عذراء تدعى يوستينه، كان قد رآها أثناء ذهابها إلى البيعة، فالتهب قلبه بحبها، ولكنه لم يبلغ منها مأربه لا بالمال ولا بالتهديد ولا بالسحر، فقصد ذلك الساحر وشكا له حاله لعله يستميل قلب يوستينه إليه ويبلغ منها مراده. فوعده قبريانوس ببلوغ أمله، ثم استعمل كل أساليب سحره فلم يفلح، لأنه كلما أرسل إليها قوة من الشياطين يجدونها قائمة تصلي، فيعودون بالخيبة، ولما عجز، دعا الشياطين وقال لهم: "إن لم تحضروا إلي يوستينه أعتنق المسيحية."

فاستنبط كبير الشياطين حيلة يخدعه بها ، وذلك أنه أمر أحد جنوده أن يتزيا بزيها ويظهر في صورتها ويأتيه، ثم سبق فأعلم قبريانوس بمجيئها. ففرح، وظل يرقبها ، وإذا بالشيطان المتشبه بها قد دخل إليه، ففرح قبريانوس وقام ليعانقها، ولعظم ابتهاجه بها قال لها : "مرحبا بسيدة النساء يوستينه." فعند ذكر اسمها فقط، انحل الشيطان المتشبه بها وفاحت منه رائحة كريهة.  فعلم  قبريانوس أنها خدعة من الشيطان الذي لم يستطع أن يقف قبالة ذكر اسمها، فقام لوقته وأحرق كتبه، وتعمد من بطريرك أنطاكية الذي ألبسه لباس الرهبنة. وبعد قليل رسمه شماساً فقساً. ولما تقدم في الفضيلة وعلوم البيعة،  جعلوه أسقفاً على قرطاجنة سنة 351م. فأخذ القديسة يوستينه وأقامها رئيسة على دير للراهبات هناك. ولما اجتمع المجمع المقدس بقرطاجنة، كان هذا القديس أحد المجتمعين فيه.

 

ولما علم بهما الملك داقيوس، استحضرهما وطلب منهما التبخير للأصنام. ولما لم يطيعاه، عاقبهما عقوبات كثيرة. وأخيراً ، ضرب عنقيهما بحد السيف وذلك في اليوم الحادي والعشرون من شهر توت المبارك ونالا إكليل الشهادة.

 

صلاتهما تكون معنا، ولربنا المجد دائماً أبدياً، آمين.

 

السنكسار

EL/4 Oct.2004

 

يوسف بين الخير والشر

 

هل إستطاع أخوة يوسف أن يميتوه؟

هل هدأت نفوس اخوته بعد أن باعوه وتخلصوا منه؟

هل إستطاع بئر جاف أن يوقف مسيرة الله معه؟

هل صمت الرب عن يوسف تاركاً الشر ينال منه؟

هل انتصر الشر على يوسف البار؟

ما موقف المتآمرين منه بعد أن رأوه متوجاً بل إلهاً لفرعون؟

هل في بداية التجربة كان يوسف يدرك الخطة الإلهية في حياته؟

لو لم يبع يوسف عبداً ولو لم يرذل من إخوته ماذا كانت نهايته؟

إنها قصة كل فرد منا فيه ينهزم الشر مهما طال، ويتبدد الظلام مهما انتشر ،

وتظهر الحقيقة حتى ولو بعد أجيال وأجيال.

 

فقال لهم يوسف لا تخافوا. لأنه هل أنا مكان الله.

أنتم قصدتم لي شراً ، أما الله فقصد به خيراً ، لكي يفعل كما اليوم ، ليحيى شعباً كثيراً (تك 50 : 19 – 20)

 

بين شكيم ودوثان :

هناك في شكيم كانت بداية اللقاء ، لقد مضى أولاد يعقوب يرعون غنم أبيهم ، وطال الفراق وانقطعت الأخبار ، فدعى يعقوب إبنه الذي يحبه يوسف قائلاً:

إذهب انظر سلامة اخوتك وسلامة الغنم ورد لي خبراً (تك 37 : 12) وخرج يوسف من لدن أبيه حاملاً سلامه ورسالته . وهناك في شكيم لم يكن له مكان ، في البرية كان تائهاً ضالاً إلى أن وجده أحد الرجال الذي أشار إليه بالتوجه إلى دوثان (تك 37 : 17).

 

وصل إلى دوثان والتعب قد أخذ منه ، ولكن حينما أبصره إخوته من بعيد احتالوا عليه ليميتوه ، فقال بعضهم لبعض: هوذا صاحب الأحلام هذا قادم ، فالآن هلم نقتله ونطرحه في إحدى الآبار ونقول وحش ردئ أكله .. فقال لهم رأوبين لا تسفكوا دماً إطرحوه في هذه البئر التي في البرية  ولا تمدوا إليه يداً ..

 

فكان لما جاء يوسف إلى إخوته .. خلعوا قميصه الملون الذي عليه ، وأخذوه وطرحوه في البئر .. ثم جلسوا ليأكلوا طعاماً .. واجتاز رجال مديانيون (تجار) فسحبوا يوسف وأصعدوه من البئر وباعوا يوسف للإسماعيليين بعشرين من الفضة فأتوا بيوسف إلى مصر (تك 37: 18 – 29).

 

أهكذا يكون الجميل ؟ أهكذا يعامل الأبرار ؟!

ماذا كان شعور يوسف وقتها ؟! وفيما كان يفكر ؟

ولو نحن في مكانه ماذا كان تفكيرنا ؟ يأتي لسلام اخوته فيفكروا في قتله!!

 

لقد ضاقت نفسه مسترحماً اخوته بدون جدوى ، كانت قلوبهم كحديد مطروق أمام توسلاته واسترحماته لهم "حقا إننا مذنبون إلى أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع (تك 42: 22).

 

كيف استطاعوا أن يمدوا أيديهم إلى أخيهم ليوثقوه ويطرحوه حياً في بئر ؟ وهل هانت عليهم قلوبهم أن يتركوه يموت جوعاً ، أو ملتهماً من الوحوش البرية ، بعد أن التهموه ببغضة قلوبهم ؟ أين ضمائرهم ومخافتهم لإلههم ؟

 

ألقوه في البئر وجلسوا يأكلون !! إنها قسوة ما بعدها قسوة بل جحود ونكران لم نرى مثله من قبل .. كيف استطاعوا الجلوس للأكل . لقد ظنوا أنهم سيتخلصون منه ونسوا تماماً عناية الرب..

 

حقاً إن الأمور كلها تعمل معاً للخير وكل ما يعمل لا يعمل جزافاً بل بسماح من الله ، لمجد الإنسان والتسبيح إسم القدوس المبارك (بل لتظهر أعمال الله فيه يو 9 : 3):

 

احتالوا عليه ليميتوه ثم أوثقوه ، ملقين إياه في البئر. ثم مبيعين إياه بعشرين من الفضة وكأنما الفضة أثمن من أخيهم الذي جاء للسؤال عنهم حاملاً خيرات أبيه لبطونهم!!

أين هو الله ؟ ولماذا سمح بهذا ؟ أين العناية الإلهية؟

 

لا بد أن هذا كان تفكير يوسف الصديق ، الشاب الذي كان يحيا مع الله فكان ناجحاً في كل أعماله .

 

إن مشكلة الإنسان الكبرى هي عدم الصبر والحكم على الأمور بسرعة من الساعات الأولى للأحداث.. لقد تخلص أبناء يعقوب من يوسف وظنوا أن ملف القضية قد أغلق .. ولم يعلموا أن الله يحول الشر إلى خير ..

تآمروا عليه من بعيد .. أما الرب فبدد مؤامراتهم .

صمموا على قتله .. أما الرب فأعطاه عمراً.

تركوه جوعاناً .. فمد الرب يده وأطعمه.

ربطوه ظلماً .. فمد الرب يده وفكه.

عروه حقداً وحسداً فكان الرب ستره !! إيه يا نفسي إيه ؟هل أدركت عنايته ، هل أحسست بدفء محبته ورعايته..

 

في أرض مصر : جاء يوسف إلى مصر واشتراه فوطيفار خصي فرعون رئيس الشرط .. وهو رجل مصري .. من يد الإسماعيليين الذين أنزلوه إلى هناك وكان الرب مع يوسف فكان رجلاً ناجحاً (تك 39 : 1 ، 2).

 

سار يوسف في غربته عبداً مقيداً خلال قافلة الإسماعيليين ، يشعر بالوحدة والغربة وعدم الوفاء ، سار مع القافلة وقلبه مطحوناً مجروحاً من إخوته ولم يدرى أن الرب يرافقه إنه أمر مخفي عن عينيه وما أجمل الوحي حينما يكشف لنا "وكان الرب مع يوسف" (تك 39 : 1).

 

لو تنكر لي الآخرون حتى ولو كانوا بنو أمي فإن الرب معي لن يتركني وحيداً ، وكما كان مع يوسف هكذا يكون مع أولاده في الضيقة حتى لو أخفى عن عيونهم.

 

وهناك في مصر ظهرت اليد الإلهية تسانده ووجد يوسف نعمة في عيني سيده وخدمه فوكله على بيته ودفع إلى يده كل ما كان له ، وكانت بركة الرب على كل ما كان له (تك 39).

 

وجد يوسف تكريماً ونعمة في عيني سيده ولكن شعوره بالغربة ، شعوره ببعده عن أبيه يعقوب ، شعوره بمرارة حقد إخوته وما صنعوه ، إحساسه كعبد وهو من أحب إخوته إلى قلب أبيه .. إنها أحاسيس كانت تراوده ، وأفكاراً كانت تهاجمه ولم يكن يعلم أنها لخيره بل لخير قبيلته وعشيرته..

هل كان يعلم وقتها ما هو لسلامه ؟  كلا.

 

وهناك في بيت سيده أتهم زوراً وشكك في طهارة سلوكه ، ولم يدافع عن نفسه ولم يبرر من موقفه ولكن عينا الرب كانت له راصدة ، وعنايته حافظة ، وقوته مدبرة، ويده مخططة ، وإرادته نافذة .. أجل .. إزدادت التجربة ، ماذا كان شعوره وإحساسه؟ لمن يشكو ومع من يتكلم؟

 

إقتادوه إلى السجن بعد أن أمسكوه عارياً ، فالمرأة ألقت بإتهاماتها عليه ، والثوب في يديها شاهد على صدق قولها ، ويوسف أمامها عارياً لا يملك من الكلمات أو المواقف ما يدافع به عن نفسه !!

 

كيف كانت حياته ؟ ما مقدار الفضيحة حوله؟

وبماذا يواجه العبيد وسيده؟

ورغم أن العناية الإلهية كانت ترافقه كان لا بد من الآلام والتجارب.

 

سجين على كرسي الولاية: في درج السجن أودع البار ، لقد حكم عليه من الكل أنه إنسان شرير ، أجل ليس المهم حكم أو رأي الناس "كان الرب مع يوسف وبسط إليه لطفاً وجعل نعمة له في عيني رئيس السجن .. لأن الرب كان معه ومهما صنع كان الرب ينجحه" (تك 39 : 21 – 23).

 

وهناك في السجن أكمل يوسف جولته ورغم ما انتشر حوله من القيل القال كان الرب له ناصراً ومعضداً ، وهنا يتساءل الناس أو ربما لو كنا في موقفه لكنا لله سائلين:

لماذا لا تظهر الحق سريعاً؟ لما لا تنتقم لأنفسنا ؟ لماذا تسمح بهذا لأولادك؟

 

أجل إنه يحول الشر إلى خير ومن الجافي يخرج حلاوة !

وهناك في السجن كان يوسف منسياً لم يذكره رئيس السقاه كما أخبره بل نسيه (تك 40 : 23) ولكن حتى لو نسيت الأم الرضيع فإن الله لا ينسى أولاده ، ومهما طال الظلام لا بد من ضوء النهار.

 

وبعد سنتين من الزمان أن فرعون رأى حلماً (تك 41 : 1) سبع بقرات حسنة المنظر سمينة وسبع بقرات قبيحة المنظر ونحيفة، فأكلت البقرات النحيفة البقرات السمينة ، وسبع سنابل سمينة وسبع سنابل نحيفة فأبتلعت السنابل النحيفة السنابل السمينة واستيقظ فرعون من نومه منزعجاً، فأرسل ودعا جميع سحرة مصر وجميع حكمائها وقص عليهم فرعون حلمه فلم يكن من يفسره لفرعون (تك 41 : 1 – 8) فتذكر رئيس السقاه يوسف وأخبر فرعون فأرسل فرعون ودعا يوسف من السجن ليفسر له أحلامه (تك 41: 17).

 

وحسن كلام يوسف في عيني فرعون ، يوسف المباع من إخوته ، الغريب عن موطنه، المطعون في شرفه وكرامته، الصامت عن الدفاع عن نفسه حسن كلامه في عيني فرعون وفي عيون جميع عبيده فقال فرعون لعبيده هل نجد مثل هذا رجلاً فيه روح الله ؟! أهكذا يطيل الله أناته ؟ حقاً أن يوماً عند الله في السجن يحدث هذا ؟ أهكذا يطيل الله أناته ؟ حقاً إن يوماُ عند الله كألف سنة عند البشر ، والله لا يقيس الإنسان ولا تقاس أعماله بسنين أو أيام .. إنه يختار الوقت المناسب إنه في عنايته بنا يتخير أوقات النصرة لنا ، لو كان رئيس السقاه ذكر يوسف حال خروجه من السجن أي من سنتين قبل حلم فرعون ربما كان فرعون أطلق سراحه ورجع يوسف إلى وطنه دون أن يدخل في المجد ، أما التأخير حتى يحلم فرعون حلماً هاماً فكان الطريق إلى أن يتولى يوسف مسئولية البلاد الخيرة وخير إخوته.

 

وفال فرعون ليوسف بعدما أعلمك الله كل هذا ليس بصير وحكيم مثلك ، أنت تكون على بيتي وعلى فمك يقبل جميع شعبي .. انظر قد جعلتك على كل أرض مصر وخلع فرعون خاتمه من يده وجعله في يد يوسف ، والبسه ثياب بوص ، ووضع طوق ذهب في عنقه ، وأركبه في مركبته الثانية ونادوا أمامه : إركعوا .. وجعله على كل أرض مصر .. ودعا فرعون إسم يوسف مخلص العالم وكان يوسف ابن ثلاثين سنة (تك 41 : 37 – 46).

 

وهكذا كانت عناية الله ومحبته ليوسف الذي ربما لم يدركها ولم يفهمها في حينها ، وهكذا أصبح يوسف على كل أرض مصر ، لقد أنساه الله كل تعبه وكل عناء بيت أبيه وجعله مثمراً في أرض مذلته (تك 41 : 51 – 52).

 

لم يعلم يوسف في حينه أن الله كان يعده لكي ينقذ كل بيت أبيه من موت الجوع بل الجوع الذي كاد يهدد كل الأرض، وحينما يدرك يوسف قصد العناية الإلهية يقف الآن منشداً نشيد النصرة وتسبحة الحمد لله الذي اختاره ورعاه وحول الشر في نظر يوسف إلى خيراً:

فلولا بيع إخوته له ما وصل إلى مصر،

ولولا إفتراء إمرأة فوطيفار ما دخل السجن،

ولولا السجن ما تقابل مع رئيس السقاه وفسر حلمه،

ولولا رئيس السقاه ما أخبر فرعون بيوسف،

ولولا حلم فرعون ما جلس يوسف على العرش .

 

إنها سلسلة متشابكة الحلقات، رتبت حلقاتها بعناية إلهية فائقة. إن وصول يوسف إلى هذا المكان يرجع إلى إخوته الحاقدين عليه ، هم قصدوا به موتاً أما الرب فقصد به حياه لشعبه (مخلص العالم) فكم ينبغي أن يشكرهم ويتناسى إساءاتهم لذلك صرخ من أعماقه بعد أن كشفت له النعمة الخطة الإلهية لحياته: هل أنا مكان الله أنتم قصدتم لي شراً، أما الله فقصد بي خيراً لكي يفعل كما اليوم ليحيى شعباً كثيراً (تك 50 : 19).

 

الآن وضعت الفأس على أصل الشجرة ، وكشف المحجوب وتباينت المقاصد الإلهية:

لقد بيع يوسف عبداً وعاش غربته ألماً لكي يحيى شعباً كثيراً، كما كانت بهجته وعمق فرحته حينما حصد ثمرة تألمه !

وهكذا تعمل الأمور معاً للخير ولخير الإنسان مهما بدا من شر وضيق وإضطهاد.. إنها العناية الإلهية.

 

يوسف وإخوته في أرض مصر:

في دوثان كان الخير مهزوماً، وفي مصر كان الشر مقهوراً.

تآمروا عليه من بعيد ، أما هو فأشفق عليهم حين رآهم.

عروه من قميصه، أما هو فسترهم بتسامحه وحبه .

تركوه جوعاناً ، أما هو فأطعمهم من مخازن الله.

أرادوا قتله ، أما هو فأراد لهم حياة.

باعوه بعشرين من الفضة ، أما هو فرد فئة كل واحد إلى عدله.

لما وجدوه بكوا على أنفسهم ندماً، أما هو فبكى عليهم حباً وقبلهم.

فقدوه وهو في السابعة عشر من عمره ، ووجدوه وهو في السابعة والثلاثين من عمره.

قالوا ليعقوب يوسف مات ، أما العناية الإلهية فقالت : لا بل حيّ هو.

 

في أرض مصر : إشتد الجوع وجاءت كل الأرض إلى مصر ، إلى يوسف لتشتري قمحاً "لأن الجوع كان شديداً في كل الأرض" (تك 41: 57) وقال يعقوب لبنيه لماذا تنظرون بعضكم إلى بعض. إني سمعت أنه يوجد قمح في مصر.. إنزلوا إلى هناك واشتروا لنا من هناك لنحيا ولا نموت (تك 42 : 1 – 3) . ولم يكن يعلم يعقوب أن إبنه الصغير هو الذي سينقذه وينقذ أولاده من موت الجوع.. ولم يكن يعلم يعقوب أنه لا تستطيع قوة في الوجود أي كانت أن تضره أو تنزع فلذة قلبه بعيداً عنه بدون سماح من الله .. لم يكن يعلم أن العناية الإلهية ترافقه وترافق وليده.

 

فمهما حاولت اليد الأثمة أن تنزع إبنه من حضنه فلن تستطيع.. حتى ولو نجحت لفترة قصيرة ظن فيها أن كل شيء قد نسىّ .. ولم يكن يعلم إخوة يوسف أن الحق باق وأنه سيظهر حتى لو أخفى إلى حين، وسيكلل الصابرون ويتوج الأمناء .. إنها مفاجئة الأجيال بل عبرة الأجيال بل درس عميق في الإيمان.

 

أتى إخوة يوسف تاركين أخاهم بنيامين ونزلوا إلى أرض مصر ، ولم يكن في حسبانهم أو فكرهم أن دم التيس الكاذب الذي غسلوا قميص أخيهم فيه سيفضح كذبهم  ويكشف قسوة وغيرة قلوبهم ، معلناً أن الوحش الردئ الذي إفترس أخاهم هم أنفسهم . وأن ذاك الوحش لم يفترس يوسف بل افترسهم هم.. ولا بد أن يمزق يعقوب ثيابه ، ويضع مسحاً على حقويه ، نائحاً لا على يوسف بل عليهم ، أولئك الذين تراجعت الرحمة من قلوبهم (تك 37 : 32).

 

في نفس الطريق الذي سلكه أخوهم عبداً إلى مصر سلكوه هم أيضاً كم كانت فضيحتهم وكم تكون آلامهم ، وما نظرة يعقوب لهم بل ما هي أحاسيسهم ؟ ذهبوا ليبتاعوا قمحاً وحينما تواجهوا مع أخيهم ودون أن يعرفوه سجدوا له بوجوههم على الأرض (تك 42: 6) لقد تحول الأحرار إلى عبيد وفك العبد فصار سيداً .

وهكذا فعلوا دون أن يعلموا ما أمرت به السماء يوم أن قص عليهم حلمه ، وانتهره أبوه وقال له " ما هذا الحلم الذي حلمت ، هل نأتي أنا وأمك وإخوتك لنسجد لك إلى الأرض (تك 37 : 10)‍ ‍‍‍‍وقالوا بعضهم لبعض هوذا صاحب الأحلام قادم.

 

سجدوا له طالبين رضاه متوسلين إليه أن ينقذهم من موت آت صارخين .. عبيدك جاءوا ليشتروا طعاماً .. ليس عبيدك .. جواسيس (تك 42 :10) ورجعوا إلى أنفسهم وقالوا بعضهم إلى بعض حقاً إننا مذنبون إلى أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه ، لما استرحنا ولم نسمع ، لذلك جاءت علينا هذه الضيقة، وهم لم يعلموا أن يوسف فاهم .. فتحول عنهم وبكى (تك 42: 24).

 

سجدوا بوجوههم .. وأحسوا بذنبهم ولم يعلموا أن أخاهم في وسطهم عجباً !! ظنوا أن قافلة الإسماعيليين ستخلصهم من أخيهم وتريح داخلهم ولكن هيهات هيهات ، لا دب ولا وحش ولا بئر تستطيع أن تضر النفس التي في يد الله مسلمة أمرها ، لا بد وأن يتحقق المكتوب ، ولا بد أن توافق السماء قبل الأرض، فحياتنا في يد إلهنا ومهما حدث وظهر الظلم مسيطراً فلا بد له من قاهر ، إن صوت المعمدان سيظل صارخاً حتى لو فارق الجسد.

 

أجل ثم أجل .. لقد تواجه يوسف مع إخوته معلناً وكاشفاً ومؤكداً عناية الله بأولاده ، ومهما كان الشر ظاهراً إلا أن باطنه خيراً لاولاد الله ، لذا صرخ يوسف وأخفق صوته بالبكاء قائلاً لأخوته :

أنا يوسف أحي أبي بعد؟! (تك 45: 3)

 

لقد أحس يوسف بحب الرب وعنايته وحفظه له ، بعد أن رأى اليد الإلهية وهي تقود مسيرة حياته وتقيس خطواته قال لإخوته: والآن لا تتأسفوا ولا تغتاظوا لأنكم بعتموني إلى هنا ، لأنه لإستيفاء حياة أرسلني الله قدامكم .. فقد أرسلني الله قدامكم ليجعل لكم بقية في الأرض وليستبقي لكم نجاه عظيمة ، فالآن ليس أنتم أرسلتموني إلى هنا بل الله ، وهو قد جعلني أباً لفرعون وسيداً لكل بيته ، ومتسلطاً على كل أرض مصر .. فصعدوا من مصر وجاءوا إلى أرض كنعان إلى يعقوب أبيهم وأخبروه قائلين يوسف حي بعد (تك 45: 26).

 

وهكذا  الذين حملوا بشارة قتل يوسف إلى يعقوب ، هم الذين حملوا بشارة حياة يوسف ليعقوب.

لم ينقص يوسف مقدار ذرة واحدة، أمام غدرهم وإضطهادهم ومؤامراتهم.

الذين رفضوا له السجود بإرادتهم، سجدوا له دون أن يدروا . كانوا متأهلين لقتله، والآن طلبوا أكثر من مرة الصفح عما إرتكبوه ضده. والذين ظنوا أن الكذب سيغطيهم، كشف عورتهم وخزيهم.

 

وبقي يوسف كما هو يوسف مؤكداً كل يوم أن يوسف حي لم يمت .. لأن الساقطين تحت الظلم لا تصيبهم جراحات ، إنما يرجع الآذى على رأس مدبري المكايد والمؤامرات!!!

وهكذا صدق أشعياء النبي حينما قال : "قولوا لخائفي القلوب، تشددوا لا تخافوا ، هوذا إلهكم .. هو يأتي ويخلصكم (أش 35: 4).

 

القمص فليمون الأنبا بيشوي

EL/26 Mars 2004

 

 
الحلو هو الكنيسة، الحلو هو الشعب المجتمع فيها ، الحلو هو صورة هذا الشهيد القديس مار مينا شهيد ربنا يسوع المسيح.
 
"حلو هو اسمك الطاهر يا مختار المسيح ، الشجاع القوي المبارك القديس مار مينا".
 
"طوباك بالحقيقة أيها الكوكب المضيء، ذو الأسم الحلو الممتلئ مجداً القديس مار مينا".
 
"اسمك ذاع مجداً في جميع كور الأرض إذا أعطانا الرب موهبة القديس مار مينا".
 
"حسن أنت، حسن هو الاسم الذي ختمت به، يا شهيد المسيح القديس مار مينا".
 
"اطلب من الرب عنا أيها الشهيد المجاهد القديس مار مينا ليغفر لنا خطايانا".
 
+++
 
"اسمك عظيم في كورة مصر أيها الطوباوي القديس المكرم في جميع القديسين أبونا الطاهر البابا أنبا كيرلس".
 
"السلام لقبرك المملوء نعمة ، السلام لجسدك المقدس الذي نبع منه شفاء لكل الأمراض".
 
"طوباك بالحقيقة يا أبانا القديس البابا أنبا كيرلس لأنك رفضت هذا العالم الباطل".
 
"فلنذهب باجتهاد إلى داخل ديرك لكي ننال شفاء أمراضنا ونجد رحمة عند الرب".
 
"اطلب من الرب عنا يا أبانا الطاهر البار القديس البابا أنبا كيرلس السادس ليغفر لنا خطايانا".
 
صداقة القديسين
 
"هوذا ما أحسن ، وما أجمل أن يسكن الأخوة معاً"
(مز 133 :1)
 
أول ما يتبادر إلى الذهن، أن صاحب المزمور يتكلم عن سكنى الأخوة المؤمنين المجاهدين هنا في الجسد معاً بالمحبة والتآخي حيث يكون الله معهم. ولكن ترى ماذا يكون الحال، إذا استطاع الإنسان المجاهد على الأرض، أن يساكن أولئك الذين أكملوا جهادكم ورحلوا عن أرضنا، وتخلصوا من ثقل الجسد واصبحو في حرية مجد أبناء الله أرواحاً بهية، ظفرت وانتصرت وتكللت بأكاليل المجد الروحية: أكاليل بتولية، أكاليل شهادة، أكاليل غلبة على أهواء الجسد، أو ......، ليكونوا ضمن سحابة الشهود المحيطين بنا (عب 12: 1) ؟!
 
إن هؤلاء الظافرين الغالبين المكللين ، لا تنقطع صلتهم بأخوتهم الذين على الأرض في الكنيسة المجاهدة ، أذ يؤكد الرسول أنهم محيطون بنا (عب 12 : 1) يشهدون لنا بعظمة الله وبره.
 
تُرى ماذا يكون الحال، لو إستطاع إنسان على الأرض أن يتسامى في طهر ونقاء إلى أن يحوز صداقة هؤلاء القديسين – وأن يعاشرهم وهم في موكب نصرتهم؟!
 
كان للبابا كيرلس السادس علاقة وطيدة بشهداء وقديسي كنيستنا المنتصرين – فكان كل مساء يقوم برفع بخور عشية – ثم يقدم التحية والسلام للقديسين والشهداء الذين ستحتفل الكنيسة بذكراهم في صبيحة اليوم التالي وذلك بعمل التماجيد لهم.
 
ولكن كانت للشهيد العظيم مار مينا ، بين هؤلاء القديسين والشهداء جميعاً ، منزلة خاصة في قلب البابا كيرلس السادس ، نشأت منذ أن كان البابا كيرلس طفلاً صغيراً، إذ تعودت أسرته أن تحتفل بذكرى الشهيد العظيم مار مينا كل عام، فكانت تذهب لتقضي اسبوعاً كاملاً في كنيسة مار مينا المقامة بديره بأبيار غربية، وإزدادت هذه العلاقة قوة ومتانة ، إذ شاءت عناية الله، أن يتسمى البابا كيرلس عند رهبنته باسم "مينا" ، وعبّر البابا كيرلس السادس عن هذه العلاقة الوطيدة القوية في صورة تماجيد وتشفعات كان يقدمها صباحاً ومساءً، كما بنى وهو راهب كنيستين اسماهما باسم الشهيد مارمينا: الأولى في طاحونة الهواء بجبل المقطم، والثانية بمنطقة الزهراء بمصر القديمة. وقام بنسخ سيرته بخط يده بالطريقة التي كان الرهبان قديماً ينسخون بها الكتب ، ووضع نسخاً منها في الكنيستين المذكورتين.
 
وما أن صار بطريركاً حتى بادر بتحقيق أمنية كانت تجيش بصدره منذ زمن طويل.... فأنشأ دير مار مينا بصحراء مريوط وجعله باكورة أعماله.
 
وبادله الشهيد مار مينا العجائبي الحب،  فكان يأتيه ويجالسه ويحدثه ويعزيه ويؤازره، ويكشف له الكثير من الأسرار الخفية ، وكانت للبابا كيرلس السادس دالة عظيمة عند صديقه مار مينا ، كثيراً ما كان يعلنها ، فنجده يقول لمن يقصده "سوف أرسل لك مار مينا"، وكان الشهيد مار مينا يذهب فعلاً، ويقضي لذلك الشخص حاجته ، كأن يشفيه من مرض أو ينجيه من ضيقة شديدة.
وتُظهر الوقائع الثابتة التي رواها أصحابها ، العلاقة القوية بين الشهيد مار مينا والبابا كيرلس والتي استمرت إلى ما بعد رحيل البابا كيرلس السادس.
 
الواقعة الأولى: يتشفعون بالبابا كيرلس فيأتيهم مار مينا
ذهب د. عزت ناشد وأسرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتقدم لإمتحان المعادلة لكي يستطيع أن يمارس مهنة الطب ، بعد استذكار وسهر لمدة سنتين متواصلتين، ونجح في امتحان المعادلة، وحاول أن يعمل كطبيب بأحدى المستشفيات هناك، ولكنه فشل في ذلك لوجود منافسة قوية له من الأمريكيين الحاصلين على نفس شهادته، حتى داخله يأس شديد. ولكن زوجته أخذت تصلي وتتشفع بالبابا كيرلس السادس وكانت تقرأ كتب معجزاته وتطلب شفاعته.
 
وفي أحدى الليالي استيقظت الزوجة من النوم على حلم جميل : فقد رأت الشهيد العظيم مار مينا العجائبي، بوجهه الملائكي ولبسه المعتاد الذي كان كله من الذهب اللامع البراق. وقصت على زوجها هذا الحلم واستبشرا خيراً، ولم تمض أيام حتى استدعته إحدى المستشفيات التي كان قد تقدم إليها وأفادته قد تم قبوله للعمل بها.
 
وهكذا قام الشهيد العظيم مارمينا العجائبي بنجدتهم بمجرد استشفاعهم بحبيبه البابا كيرلس السادس.
 
الواقعة الثانية: تطلب مار مينا فيأتيها البابا كيرلس
السيدة أوديت صموئيل ، بمصر الجديدة،  تقول:
أُصبت بإرتفاع في درجة الحرارة. وكان تشخيص الأطباء إنه إلتهاب بالحلق، وعولجت بالمضادات الحيوية ولكن استمرت درجة الحرارة في الإرتفاع حتى وصلت إلى 40 ، وأصبت بقيء مستمر وصداع غير محتمل ، وحاول الأطباء تخفيض درجة الحرارة بالحقن والمضادات الحيوية ولكن دون جدوى. ومرت الأيام وأنا في هذه التجربة الطويلة حتى نقص وزني أكثر من أربعة وعشرين كيلو جراماً، وحار الأطباء في التشخيص، حيث رجحوا المرض على أنه تيفود أو بارا تيفود أو مرض في الكبد، وقرروا إعطائي عقار الكورتيزون لتخفيض درجة الحرارة، وكانت درجة الحرارة ما تلبث أن تنخفض ثم ترتفع مرة أخرى.
 
وكنت أبكي وأطلب من الله أن يرحمني وقلت "يا مار مينا أنت عملت معجزات كثيرة ليه ما بتعملش معايا معجزة وتشفيني..؟"  وحدث أني نمت  نوماً عميقاً أفقت منه على رؤيا جميلة: رأيت البابا كيرلس السادس يقف أمامي ويقول لي "مالك ومال مارمينا عيزه منه أيه ...؟ "أنا زعلانة منه لأنه عمل معجزات وأنا ما عملش معايا ولم يرد علي" فقال لي "ما تزعليش. أنت خلاص خفيتي" وأخذ يرشم جسدي كله من الرأس حتى القدمين وهو يبتسم، وفي الصباح إنخفضت درجة الحرارة إلى معدلها الطبيعي، وتماثلت للشفاء تماماً، وكنت مندهشة من هذه الرؤيا، إلى أن ذهبت إلى دير مار مينا بمريوط، وعرفت هناك مدى ارتباط الشهيد العظيم مار مينا بالبابا كيرلس السادس.
 
تذكر صاحبة تلك المعجزة أنها لم تكن تربطها بالبابا كيرلس علاقة ما ، ولا تعلم شيئاً عن العلاقة بين مار مينا والبابا كيرلس ، ترى هل كان مار مينا يهدف أن يكرم حبيبه الذي أذاع ونشر اسمه في أيامنا حتى لا تكاد تخلو عائلة من اسم مينا تبركا بالشهيد العظيم مار مينا الذي أذاع البابا كيرلس صيته وجذب أنظار الناس إليه؟
 
لقد سألها البابا كيرلس عندما حضر إليها "أنت عايزه إيه من مار مينا" فأفهمها أنه أتى نيابة عن مار مينا وبتكليف منه.
 
حقاً ما أعظم إكرام البابا كيرلس لشفيعه مار مينا ، وما أعظم إكرام مار مينا لحبيبه البابا كيرلس !
 
أليست صداقة القديسين هي طيب ينسكب على آلام الناس وجراحاتهم فيشفيها حقاً "ما أحسن وما أجمل أن يسكن الأخوة معاً مثل الدهن الطيب" (مز 133: 1).
 
+++
 
مار مينا في رسائل البابا كيرلس
تؤمن كنيستنا بشفاعة القديسين: سواء كان بالجسد على الأرض أو منتقلين إلى السماء. وتعتبر شفاعتهم جزءاً من عبادتنا ومن حياتنا على الأرض. فليس للكنيسة المجاهدة غنى عن معونة القديسين المنتقلين.
 
لم يرد في تاريخ الكنيسة، أنه كان هناك دير باسم الشهيد مار مينا، به رهبان يحملون اسم "آفا مينا". ولكن كان يوجد قبر الشهيد العظيم مار مينا بجهة مريوط، ثم بنيت حوله كنائس كثيرة وأماكن للإقامة والإستشفاء.
 
وبذا تأسست مدينة كبيرة تسمى مدينة "بومينا". فلأول مرة في تاريخ الكنيسة يقام دير باسم مار مينا ، به رهبان يحملون اسم "آفا مينا"، وذلك في عهد وعلى يدي البابا كيرلس السادس.
 
وهذا، لا شك، يعكس صلة وعلاقة غير عادية بين البابا كيرلس والشهيد العظيم مار مينا ، كما يؤكد أن هناك تعاملاً بين البابا كيرلس السادس وبين الشهيد مار مينا قد تخطى الحدود المألوفة للشفاعة المقبولة أو الطلبة المستجابة بل هو إكرام متبادل، وصداقة قوية وفيّة ، ومعايشة وتلازم، وظهورات لمار مينا ، يراه فيها البابا كيرلس رؤيا العين، ويتخاطب معه ويناقشه ، وبدالة الحب يرسله ليحل المشاكل هنا وهناك، فكان مار مينا جزءاً من حياة البابا كيرلس لا غنى له عنه ، ومعيناً وعضداً. ونرى البابا كيرلس يشهد بهذا شهادة الواثق مما يقول، فكان مار مينا دائم الحضور في حياة البابا كيرلس وعلى لسانه وفي رسائلة وخطاباته حتى يخيل إليك أنهما لا يفترقان.
 
فكم من مرة كان البابا يعلن عن معاونة مار مينا له في إتمام الأعمال الحسنة ، وتمجيد اسم الله القدوس: فكثيراً ما كان البابا يبدأ صلاته في دير مار مينا بالصحراء، وأنه أرسل صديقه مار مينا ليدلهم على الطريق، ويمر بعض الوقت وإذ بالوافدين يأتون مقرين أنهم ضلوا الطريق، وأن شاباً لطيفاً رافقهم إلى الدير ثم اختفى عنهم، أو أن حمامة صارت تظهر أمامهم في الصحراء وهم يتبعونها ثم غابت عنهم عند باب الدير.... وكم .... وكم من مواقف عديدة مماثلة.
 
وتظهر خطابات البابا كيرلس ورسائله ، قبل وبعد رسامته بطريركاً، حضور مار مينا في حياته ، وإليك بعض المقتطفات من الخطابات التي عثر عليها بخط البابا وهي خير شاهد على ذلك.
 
1 – ففي سنة 1950م يُظهر أبونا مينا المتوحد شوقه الزائد لبناء دير مار مينا وهو بعد راهب فقير، إذاً فبناء دير مار مينا كان، رغبة قديمة تتوق نفسه إلى تحقيقها وليس فكرة طارئة خطرت له بعد أن صار بطريركا، وظلت هذه الرغبة في نفسه ثابتة جياشة، تملك على مشاعره حتى صار دير مار مينا باكورة أعمال البابا كيرلس، فهو أول مشروع له، بدأ في تنفيذه بعد أن صار بطريركاً مباشرة: ففي خطاب له إلى أحد أحبائة سنة 1950 م كتب يقول:
 
"أنا آمل مقابلة يوسف سكرتير غبطة البطريرك وتهديه سلامي وصالح الدعوات، وتسأله ماذا تم في دير مار مينا ونحن على استعداد تام في تعمير هذا الدير إذا طلب منا رسميا من البطركخانة بدون أي مساعده مادية منهم والرب القادر يحقق أملنا في عمارة هذا الدير".
 
لا شك أن الراهب الفقير مينا المتوحد كان واثقاً من مساعدة الشهيد العظيم مار مينا له في بناء الدير وتعميره، لو سمحت له البطريركية بذلك.
 
2 – قام الراهب مينا المتوحد ببناء كنيسة مار مينا بمنطقة الزهراء بمصر القديمة وأسماها أيضاً ميناء الخلاص، وكان دائماً يقول أن مؤسس ميناء الخلاص هو الرب يسوع وأن مديره هو الشهيد العظيم مار مينا وذكر ذلك في خطاب له عام 1957 :
 
"وهذا الفضل كله يرجع لمؤسس ميناء الخلاص يسوع الحلو والسلام لمديرها مار مينا العجائبي".
 
3 -  وإليك ديباجة خطاب أرسله القس مينا البراموسي المتوحد في 6 يونيه 1944 حين كان رئيساً لدير الأنبا صموئيل المعترف ، وذكر في أن "المهتم بطلبات الدير وأحواله هو الشهيد مار مينا العجائبي".
 
وصار يردد ذلك في خطاباته التالية جميعاً مدة رئاسته للدير. فنرى نفس الديباجة في خطاب آخر له سنة 1944 وفيه يظهر أيضاً فضل الشهيد العظيم مار مينا ومعاونته له في العمل في دير الأنبا صموئيل المعترف، كما يتضح من أسلوب البابا كيرلس مدى الدالة والصداقة التي بينه وبين مار مينا فنراه يقول:
 
"وعم مار مينا جدع جداً وقام بخدمة عظيمة لأنبا صموئيل إذ شرع في بناء كنيسة صغيرة في عزبة الدير إذ أن الكنيسة الموجودة أصبحت معرضة للسقوط" أليس هذا كلام من يرى بعينيه؟
 
4 -  وفي عام 1945 في أول صوم السيدة العذراء يرسل خطاباً لأحد أحبائه جاء في ديباجته،
( شيري بي أجيوس آفا مينا بي مار تيروس) السلام للقديس مارمينا الشهيد.
 
5 – وبعد أن صار أبونا مينا المتوحد "بطريركاً ، كتب إلى أحد أحبائه في 22/11/1962 قبل عيد مار مينا بيومين يظهر ثقته بعجائبه فيقول:
 
"اليوم عيد الملاك الجليل ميخائيل شفاعته تكون معكم وتخلصكم، عيد مار مينا يوم السبت وهو ملقب بالعجائبي يصنع معنا أعجوبة ويحل المشاكل".
 
6 – ولم يكن أبونا المتوحد (البابا كيرلس فيما بعد) متعصباً أو متحيزاً لمار مينا، بل كان صديقاً لجميع القديسين ، إذ القداسة الحقيقية لا تعرف التعصب، كما يقول معلمنا بولس الرسول لأهل كورنثوس، عندما كان الواحد منهم يقول أنا لبولس والآخر أنا لأبلوس "إذ فيكم حسد وخصام وأنشقاق الستم جسدين" (1كو 3:3).
 
فيذكر في خطاب له بتاريخ 2/2/1944 : "وسلام الرب على مارمينا البطل الشجاع ومار جرجس البطل الهمام ونعم أن القديس الأنبا صموئيل القديس العظيم سلام الرب عليه دعانا لهذه الخدمة".  
 
فيذكر في خطاب له بتاريخ 7/2/1944: "تجد الشهيد العظيم مار جرجس ومار مينا والقديس العظيم الأنبا صموئيل اتفقوا معاً اتفاقاً واحداً في مساعدتنا وتقديم طلباتنا أمام عرش النعمة".
 
كما يذكر أيضاً في خطاب آخر بتاريخ 18/3/1960 بعد أن صار بطريركاً: "أكتب إليكم هذا من دير مار مينا العجائبي (ميناء الخلاص) قبل إقامة القداس الإلهي متضرعاً إلى مراحمه العظيمة وبشفاعة القديسة مريم والدة الإله ومار مينا الشهيد العظيم أن يحافظ عليكم جميعا...".
 
7 – كان اسم مار مينا محبباً إلى قلب أبينا الأنبا كيرلس. وكان هذا الاسم يثير في نفسه دائماً حنيناً خاصاً، تأمل ماذا كتب بعد أن صار بطريركاً، وبدأ بتعمير دير مار مينا، وأحاطت به أمجاد البطريركية وأبهتها، تأمل ماذا يقول:  "اليوم توجهت إلى دير مار مينا بمصر القديمة ، هناك تذكرنا الأيام الأولى وكم كان سرورنا وتعزيتنا في هذا المكان المبارك".
 
وقد صدر هذا الخطاب كعادته بآية جميلة: "أصعد إلى الجبال العالية يا مبشر صهيون ونادى بالسلام في حصونها" ، نعم، ماذا كنت ترى يا أبانا الطوباوي في كنيسة مار مينا بمصر القديمة... ((هذه الكنيسة أنشئت عام 1947 في منطقة غير عامرة تقع تحت سفح جبل المقطم وكانت ولا تزال متواضعة جداً في مظهرها الخارجي، ولكن كان البابا كيرلس السادس يراها بعينيه الروحيتين أنها وأن كانت متواضعة في مظهرها إلا أنها في الحقيقة مرتفعة جداً أعلى من الجبال))! هل كنت تراها فوق الجبال العالية ؟! أي أنها شابهت ربها ، الذي وهو في السماء كل حين، أعلى من كل الخليقة، تراه وديعاً متواضعاً يمشي على أرضنا. هل كانت نفسك ترى عظمة قداسة بيت الله؟! "الكنيسة بيت الملائكة"، فكانت تعلو في حسك فوق كل الجبال، وكنت تراها ميناء للخلاص وحصناً للسلام لكل من يأوي تحت ظل أسرارها.
 
العجائب والمعجزات
 
"لأن ملكوت الله ليس بكلام بل بقوة" (1كو 4: 20).
العجائب والمعجزات تلازم الكنيسة في كل زمان ومكان:
قال الرب يسوع إن الآيات تتبع المؤمنين (مر 16 :17).
 
كما قال أيضاً: "من يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً ويعمل أعظم منها" (يو 14: 12).
وقال أيضاً "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل ولا يكون شيء غير ممكن لديكم" (مت 17: 20).
 
كما قال "وأدعني في يوم الضيق أنقذك فتمجدني" (مز 50 : 15).
 
من هذا يتضح أنه حيثما وجد الإيمان والمؤمنون فهناك يصنع الله آيات كثيرة.
 
العجائب والمعجزات هي من عمل روح الله:
قال الرب يسوع لليهود "إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله" (مت 12: 28).
 
وقال معلمنا بولس "فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد.... فإنه لواحد يُعطى بالروح كلام حكمة.... ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد ولآخر عمل قوات ولآخر نبوة.... ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه قاسماً لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كو 12: 4 – 11).
 
من هذا النص نلاحظ: أن هناك اناساً في الكنيسة أعطاهم الله السلطان أن يشفوا المرضى، ويخرجوا الشياطين، ويعملوا قوات ...، وهذه كلها يعملها الروح القدس: "شاهداً الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس حسب إرادته" (عب 2: 4).
 
العجائب والمعجزات هي برهان الروح والقوة:
يقول معلمنا بولس الرسول "وأنا لما أتيت إليكم أيها الأخوة أتيت ليس بسمو الكلام أو الحكمة منادياً لكم بشهادة الله ... وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع بل ببرهان الروح والقوة لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة الله" (1كو 2: 1 – 4).
 
فالآيات والمعجزات تشهد لصاحبها أن الله معه وهو ما يقصده بولس الرسول بقوله برهان الروح والقوة، وهي أعمال قوية تفوق قدرة البشر ، يصنعها روح الله ، وتشهد لمن أجريت على يديه أنه مرسل من الله فهي من علامات الرسالة "إن علامات الرسول صنعت بينكم في كل صبر بآيات وعجائب  وقوات" (2كو 12: 12).
 
فالآيات هي أعمال يجريها الله على أيدي رسله وأنبيائه وقديسيه، تشهد لهم بصدق رسالتهم وصحة إيمانهم، ولها قوتها التي لا غنى عنها "لأن ملكوت الله ليس بكلام بل بقوة" (1كو 4: 20).
 
إذاً الآيات والمعجزات هي لغة فائقة يخاطب الله بها البشر ولا يستطيع أحد غيره أن يتكلم بها ، وأعطى أناساً مختارين أن يتكلموا بها لإرشاد الناس إلى الإله الحقيقي.
 
فحينما أرسل الله موسى إلى بني إسرائيل زوده بالآيات الباهرة لكي يثبت لهم: أن الله أرسله لخلاصهم (خر 4: 1 –9).
 
فهي برهان الروح والقوة الذي تكلم به موسى وبهذه اللغة عينها تكلم موسى مع فرعون حتى أخرج بني إسرائيل من عبوديته.
 
وحينما أرسل الرب يسوع تلاميذه إلى كل موضع كان مزمعاً أن يذهب إليه ، أعطاهم أن يتكلموا بهذه اللغة( لغة الآيات والمعجزات) حتى يؤمن الناس بتعاليمهم إذ قال لهم "أشفوا مرضى طهروا برصاً. أقيموا موتى أخرجوا شياطين" (مت 10: 8) فرجعوا فرحين متعجبين قائلين له "حتى الشياطين تخضع لنا باسمك" (لو 10: 17).
 
وحينما قُدم للسيد المسيح له المجد رجل مفلوج، قال له "مغفورة لك خطاياك (مت 9: 2) فتذمر عليه الكتبة والفريسيون ، وقالوا أنه يتكلم بتجاديف، من يقدر أن يغفر الخطايا إلا الله وحده؟  ولكن الرب يسوع قدم لهم المعجزة التي يستطيعون أن ينظروها لكي يثبت بها الأمر الذي لا يستطيعوا أن ينظروه: وهو غفران الخطية ، فقال للمفلوج "قم أحمل سريرك واذهب إلى بيتك" (مت 9: 6)، فقام في الحال وحمل سريره ومشى ، فلو كان رب المجد مجدفاً ، كما قالوا ، لما استطاع أن يجري هذا العمل الاعجازي، وبذا ثبت لهم أن له سلطان مغفرة الخطايا على الأرض.
 
الله يريدك أن تلجأ إليه:
يفرح الله بأولاده عندما يقصدونه في أمراضهم وضيقاتهم طالبين الشفاء والخلاص وهو الذي قال "أدعني في يوم الضيق أنقذك فتمجدني" (مز 50: 15) وقال أيضاً "تعالوا إلي يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا اريحكم" (مت 11: 28).
 
ولكنه يحزن جداً عندما يجد أن أبناءه ينسونه في أمراضهم وضيقاتهم ويلجأون لغيره قبل أن يأتوا إليه، فها هوذا الكتاب المقدس يعيب على آسا الملك لأنه في مرضه طلب الأطباء ولم يطلب الله مع أنه قد سبق له أن اختبر قوة الله العظيمة معه للخلاص في الحروب "مرض آسا في السنة التاسعة والثلاثين من ملكه في رجليه حتى اشتد مرضه وفي مرضه أيضاً لم يطلب الرب بل الأطباء" (2 اي 16: 12).
 
فالله يريدك أن تلجأ إليه أولاً كما يقول يشوع ابن سيراخ في سفره "يا بني إذا مرضت فلا تتهاون بل صل إلى الرب .... ثم أجعل موضعاً للطبيب" (يشوع بن سيراخ 38 : 9 ، 12) "لأن عيني الرب تجولان في كل الأرض ليتشدد مع الذي قلوبهم كاملة نحوه" (2أي 16: 9).
 
وهاك باقة من المعجزات التي تنطق برحمة الله وحنانه والتي تشهد أن الله يمجد قديسيه ويقبل شفاعتهم، كما نستشف منها ايضاً، أن قراءة سير القديسين كانت سبب نوال بركة هذه المعجزات.
 
إليك أيها القارئ الحبيب بعض من المعجزات كما رواها أصحابها ، والتي يظهر فيها التلازم العجيب بين مار مينا والبابا كيرلس ، هذ التلازم الذي يعجز عن وصفه كل لسان!!
 
شفاء الذبحة الصدرية:
السيدة/عزيزة صليب ، استراليا، تقول:
تقدمت لسفارة استراليا بالقاهرة لأجراء المقابلة لأجل إنهاء أوراق الهجرة للحاق بباقي أفراد أسرتي باستراليا. وفي اثناء ذلك أصبت بذبحة صدرية ولزمت الفراش كأمر الأطباء. وابتدأت تمر أمامي صور العقبات التي ستواجهني بسبب هذا المرض عندما أتقدم للكشف الطبي في السفارة. فتوجهت لحبيبتي أم النور مريم وحبيبها الشهيد العظيم مار مينا العجائبي وحبيبه البابا كيرلس السادس وأخذت أتشفع بهم ، وفي الصباح استيقظت على رؤيا جميلة:
 
لقد ظهرت لي السيدة العذراء ومعها الشهيد مار مينا العجائبي والبابا كيرلس السادس وقامت العذراء مريم بالكشف على صدري بالسماعة وقالت "الذبحة راحت" وكذلك قام الشهيد مار مينا العجائبي بوضع السماعة أيضاً على صدري وقال "الذبحة راحت" ونظر إلي البابا كيرلس وقال لي "ما تبكيش تاني لأن الذبحة راحت".
 
وقمت فعلاً وقد تماثلت للشفاء ونجحت في الكشف الطبي. ولحقت بأولادي هناك، ووجدت كل منهم يروي مشاكله. فتوجهت إلى حبيبي البابا كيرلس السادس وبكيت أمام صورته وتشفعت به عند حبيبي الرب يسوع المسيح له المجد ، فظهرت لي رؤيا جميلة:
 
رأيت البابا كيرلس السادس قد حضر عندي وقال لي "أنت صعبانة علي لأنك طول عمرك بتبكي كثير ولكن الرب يسوع ينجيك ويحل كل مشاكلك" وفعلا ابتدأت كل المشاكل تحل بطرق إعجازية.
 
شفاء المياه البيضاء بالعين"
وتستطرد السيدة/عزيزة صليب فتقول:
حضرت إلى مصر بعد غيبة. وكانت عيناي بهما مرض (المياه البيضاء) فتوجهت إلى دير مار مينا بمريوط وأنا أصرخ وأقول "يا مار مينا كن معايا واشفع فيّ".
وعلى باب الدير وجدت راهباً شاباً أعطاني زيتاً في زجاجة وقال لي "ادهني عينيك بهذا الزيت والرب يشفيك".
ودخلت الدير وزرت مزار الشهيد مار مينا العجائبي ومزار البابا كيرلس السادس وطلبت من أحد أباء الدير أن يدهني بهذا الزيت ، فشعرت بالراحة وبدأت أشعر بالشفاء.
ثم سافرت بعد ذلك إلى استراليا وظهر لي البابا كيرلس السادس في رؤيا وقال لي:
"مار مينا كان مستنيكي في الدير وأعطاك زيتاً وقالك أرشمي عينيك به أنت دلوقتي عينيك كويسة" وفعلاً استيقظت من النوم ووجدت أن عيني قد اكتمل شفاؤهما وأصبحتا وكأن لم يكن بهما أي مرض من قبل.
 
شفاء مولود أعمي:
السيدة/ن. ز. ح. بوسطن ، أمريكا، تقول:
حدثت المعجزة التالية في شهر يوليه 1990 حيث كنا في حاجة إلى تغير شبكة كهرباء المنزل. فاتصلنا بكهربائي، وحضر للمعاينة وفي سياق الحديث علمنا منه أنه قد رزق بطفل أعمى عمره الآن ثلاثة أشهر  وأسمه راين كارلس. واكتشف أنه أعمى عندما لاحظت اسرته أن عينيه لا تتأثران مطلقاً بضوء فلاش الكاميرا مثل باقي الأطفال عند التقاط الصور له وعندما عرض الطفل على الأطباء ، قرروا أنه أعمى 100% وأنه لا فائدة من العلاج. وكان الأب يبكي وحزيناً جداً وهو يذكر لنا هذه القصة.
فطلب مني زوجي أن أعطيه زجاجة من زيت مار مينا (بركة صلواته تكون معنا) فاعطيته زجاجة بعد أن دهنت بها عيني ابني أمامه كي يطمئن قلبه. وقلت له "ادهن بها عيني الطفل كل يوم والزيت ده مقدس وفيه بركة" وأعطيته أيضاً صورة للشهيد مار مينا ليضعها تحت رأس الطفل.
وتم الاتفاق أن يحضر طرفنا لبدء الأعمال الكهربائية بعد عشرة أيام. ولكنه لم يحضر في الميعاد المحدد فقمنا بالاتصال به، فاعتذر عن عدم حضوره لأنه انشغل بابنه ، الذي لاحظ عليه انه بدأ يتابع حركة الأشياء وابتدأ يرى.
أنه وإن كانت هذه المعجزة لم تحدث لي. أو لأحد من أفراد اسرتي إلا أنني أشعر أنه من الواجب عليّ أن اسجلها لأفي جزءاً من الدين الذي عليّ لمار مينا والبابا كيرلس بركة صلواتهما تكون معنا آمين.
 
مار مينا ومار جرجس يشفيان الشلل:
بطرس متى بطرس، الورديان، الاسكندرية، يقول:
حدثت مشاكل عائلية في أسرتي وأصبت بعدها بشلل في وسط جسمي حتى فقدت الإحساس الكلي بنصف جسمي الأسفل. ودخلت في دوامة موحشة من التفكير مصحوبة بالألم والبكاء ، فلدي أسرة مكونة من زوجة وأطفال وقد أصبحت عاجزاً عن السعي لإعالتهم، وكان الأصدقاء والأقرباء يواسونني مما كان يزيد من حسرتي وآلامي النفسية ، وترددت على العديد من الأطباء حتى أنفقت كل ما أملك، بل واستدنت من أصدقائي، ولكن دون فائدة.
 
وأخيراً ، أشار علي أحد أطباء الاسكندرية المشهورين أن أعالج بجهاز يوضع على الساقين لتنبيه الأعصاب . وفعلاً، خضعت لنصيحته واستسلمت لهذا النوع من العلاج رغم تكاليفه الباهظة بالإضافة إلى ما تكبدته من مشقة، فقد كنت أحمل ذهاباً وأياباً من منزلي إلى عيادة الطبيب. وقد كان هذ يكلفني في اليوم الواحد أكثر مما أتقاضاه من عملي في شهر كامل. وكنت أتضرع إلى الله بالبكاء كل يوم ولا من تعزية.
وبعد ثلاثة أيام من هذا العلاج الباهظ، ابتدأت أحس برجلي واستطعت أن أقف عليهما ولكن كطفل يتعلم المشي. وفعلاً، أمرني الطبيب بالمشي ولو كطفل. وكان أصدقائي يحضرون كل يوم لمساندتي حتى أستطيع المشي في الحجرة، وأنزل سلم المنزل وأمشي قليلاً في الشارع، وكان كل من يراني في الطريق ينظر لي ويتحسر، وربما كان هذا بترتيب من الله، حتى يشاهد الجميع هذا المريض الذي سيشفى بأعجوبة، وكنت أسير كل يوم كمن يعاني من شلل رعاش وسط أصدقائي الذين يحضرون لمساندتي.
وكنت في وسط كل ذلك أصرخ للرب يسوع المسيح وللقديسة العذراء مريم والشهيد العظيم مار جرجس، والشهيد مار مينا العجائبي والبابا كيرلس السادس، وكل القديسين، وكانت فترة المرض هذه ، رغم آلامها المرة، فترة تقربت فيها إلى الله، الذي كنت قبلاً مشغولاً عنه وعن تنفيذ وصاياه والذهاب إلى الكنيسة.
وفي يوم، زارني صديق وأعطاني زيتاً أحضره معه من دير مار مينا اثناء زيارته للدير فأخذته ووضعته تحت وسادتي، وبعد خروجه زارني زميل لي في العمل وأعطاني أطياباً للشهيد العظيم مار مينا العجائبي كان قد أحضرها أيضاً من دير مار مينا بمريوط، وبعد ذلك حضر زميل ثالث وأعطاني صليباً قد أحضره من دير مار مينا أيضاً.
وهنا اندهشت: إذ حضر الثلاثة في يوم واحد وبدون اتفاق سابق. وتأملت في منزلي فلم أجد به صورة للشهيد مار مينا بالرغم من وجود صور للعديد من القديسين.
وفي هذا اليوم الذي زارني فيه هؤلاء الأصدقاء الثلاثة، ساندتني زوجتي ودخلت للاستحمام وقامت زوجتي بدهان جسمي كله بالزيت الذي أحضره صديقي من دير مار مينا بمريوط، كما وضعت لي منه بعض النقط على كوب ماء وأعطتني فشربته، ثم ساعدتني إلى أن وصلت إلى حجرتي، وجلست على سريري حتى نصلي معاً قبل النوم. ولكنني لم استطع من شدة التعب والارهاق فاستأذنتها واستغرقت في نوم عميق. أما هي فسهرت بجواري تصلي بدموع وتتشفع بالشهيد مارمينا العجائبي وكان ذلك ليلة أحد الشعانين سنة 1988. وفي حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وأنا بين اليقظة والنوم، رأيت ضوءاً عجيباً ملأ أرجاء الحجرة ورأيت قرصاً كقرص الشمس، أبتدأ يكبر، ثم خرج منه جمل صغير وعمل حركة صليب، ثم رفع رجليه وقفز فوق السرير ووقف فوقي، وأخذ يضغط علي بقدميه فأخذت أصرخ قائلاً "حوشوا الجمل". وسمعت زوجتي صوتي فأخذت تنبهني ولكن دون جدوى.
بعد ذلك فوجئت بخروج حصان من نفس القرص الذي خرج منه الجمل. وكان الحصان أبيض بلون سماوي، وأشار الحصان للجمل فنزل من فوقي، وصعد الحصان فوقي وأخذ يضغط بقدميه على جسمي. فأخذت أصرخ قائلاً: "حوشوا الحصان". وبعد ذلك نزل الحصان وصعد الجمل مرة أخرى، وأنا أصرخ وزوجتي تبكي، مدركة أن الجمل هو جمل مارمينا والحصان هو حصان مار جرجس.
وأخذت تصرخ متشفعة بهما وتوقظني من نومي إلى أن أفقت وقمت أجري وراء الجمل والحصان، وفتحت باب الحجرة وباب المنزل وأسرعت وراءهما في الشارع حوالي مائتي متر وأنا في حالة اللاشعور، وكنت أصرخ وأقول "الجمل والحصان"، وهما يجريان أمامي في الطريق وأنا أجرى وراءهما محاولاً اللحاق بهما حتى استوقفني أحد الخفراء الموجودين في جراج قريب. وهدأ من روعي كأني مجنون، ولحقت بي زوجتي، واستيقظ بعض الجيران، واندهش الجميع من وقوفي بمفردي بدون مساندة أحد وأخذ الجميع يهللون والنساء يزغردن، حتى استيقظ جميع الجيران الذين رأوني من قبل وأنا مشلول، فأخذت أصيح قائلاً: مار جرجس شفاني ، مار مينا شفاني، والجميع يتعجبون من وقوفي في وسطهم وهم مندهشون من كلامي عن هؤلاء القديسين.
وفي الصباح ذهبت إلى كنيسة الشهيد مار جرجس بالمكس وكشفت ظهري للناس، فكانت آثار حوافر الحصان وخفي الجمل واضحة في ظهري، وظلت هذه العلامات في ظهري مدة طويلة وذهبت إلى دير مار مينا، وشكرت الرب، وعملت تمجيداً كبيراً للشهيد العظيم مار مينا العجائبي والشهيد العظيم مار جرجس الروماني، وعادت إلي صحتي، وعدت لعملي وسط دهشة الجميع، وعلقت صورتي الشهيد مار مينا وحبيبه البابا كيرلس على جدران حجرتي والمجد لله.
+++
(ومن الخطابات التي عثر عليها بخط البابا كيرلس من حياة مار مينا)
بسم الله
بسم الآب والأبن والروح القدس إله واحد له المجد إلى الأبد آمين
نبتديء بعون الله وحسن توفيقه بنسخ تاريخ حياة الشهيد العظيم مار مينا العجائبي من أقوال آباء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بركته المقدسة وشفاعته المقبولة أمام يسوع المسيح إلهنا تحافظ علينا وتخلصنا
 
مقدمة
الحمدلله الذي تحنن علينا وباركنا ، وأنار بوجهه علينا . وعرفت في الأرض طريقه، وعلم في كل الأمم خلاصة مز 67: 1 و 2، نشكره ونمجد اسمه القدوس باطنا وظاهراً ، ولا ننسى كل حسناته لأنه غفر جميع ذنوبنا وشفى كل أمراضنا وفدى من الحفرة حياتنا مز 103: 4. أما بعد+
 
فلما كانت الكتب المقدسة تأمرنا أن نتحدث دائماً بذكر عجائبه تعالى. إذ قال الله تعالى على لسان مرنم إسرائيل، أصغ يا شعبي إلى شريعتي، أميلوا آذانكم إلى كلمات فمي: أفتح بمثل فمي. أذيع الغازاً منذ القدم التي سمعناها وعرفناها وآباؤنا أخبرونا بها. لا تخفي عن بنيهم إلى الجيل الآخر مخبرين بتسابيح الرب وقوته وعجائبه التي صنع التي أوصى آباءنا أن يعرفوا بها ابناءهم ، لكي يعلم الجيل الآخر. بنون يولدون فيقومون ويخبرون ابناءهم فيجعلون على الله اعتمادهم ولا ينسون أعمال الله بل يحفظون وصاياه مزمور 78 : 1 – 7
 
ولما كانت هذه العجائب يجريها الله دائماً على أيدي قديسيه فآياته بمصر (خروج ص 7 :2) ، وشق البحر الأحمر (خروج ص 14)، وجميع القوات التي أجراها في البرية ويسمعكم الصوت الفرح القائل تعالوا إلي يا مباركي أبي رثوا الملك المعد لكم من قبل إنشاء العالمين ويجعل باب بيعته مفتوحاً في وجوهناعلى ممر الدهور والسنين ، ويخذل ويزول سائر الأعداء والمناصبين والأشرار المقاومين لها والمعاندين وأن يحفظ لنا وعلينا حياة وقيام الآب المكرم الفاضل والقديس المعلم الفاضل العالم آب الأيتام وقاضي الأرامل المختار من الله الحبر الكامل راعي الرعية المرقسية لسان التعاليم البولسية وتاج بني المعمودية أبينا ورأسنا ورئيسنا الساهر عن خلاص نفوسنا السيد الأب البطريرك فلان بطريرك المدينة العظمى الاسكندرية والديار المصرية والحبشة والنوبة والخمس مدن الغربية إلى السماء يثبته على كرسيه سنيناً عديدة وأعواماً متصلة مديدة صافية من الهم والغم والأكدار وخالصه من الخطايا والأوزار بشفاعة الست السيدة مرتمريم طهر الأطهار والشهيد الجليل العظيم المقدار مار مينا العجائبي صاحب هذا التذكار وكافة الشهداء والقديسين والأبرار والسواح والمجاهدين قفوا بخوف من الله وانصتوا لسماع انجيله المقدس فصل شريف من بشارة معلمنا (....) البشير بركاته على جميعنا آمين
تم وكمل بسلام من الرب كتاب تاريخ حياة الشهيد العظيم مار مينا العجائبي وكان الفراغ من نسخ هذا الكتاب في يوم الاثنين الموافق 26 مسرى سنة 1657 ألف وستماية سبعة وخمسون للشهداء الأطهار السعداء الأبرار نفعنا الله بقبول طلباتهم آمين وهذا الكتاب وقف على بيعة الشهيد العظيم مار مينا العجائبي بالجبل الشرقي بمصر القديمة شفاعته تكون معنا والناقل الحقير المقر بالعجز والتقصير المدعو بالاسم القس مينا المتوحد أحد رهبان دير السيدة العذراء براموس بوادي النطرون وقد صار نقله من كتاب مطبوع تاريخه 16 هاتور 1622 للشهداء))
 
أبناء البابا كيرلس السادس
EL/4 Oct.2004

 

 
"الصانع ملائكته رياحاً وخدامه ليب ناراً تلتهب"
 
سبحوه يا جميع ملائكته، سبحوه يا كل جنوده (مز 148).
خلق الله الملائكة لتخدمه، ومن فرط محبته للإنسان – الذي خلقه على شبهه ومثاله – جعل للملائكة دوراً في خدمة بني البشر.
 
(أ‌)         قيامها ببعض الخدمات:
+ "ها أنا مرسل ملاكاً أمام وجهك ليحفظك في الطريق" (خر 23: 20)
+ "لأن ملاكاً كان ينزل أحياناً في البركة ويحرك الماء" (يو 5: 4)
+ "وأنا متكلم بعد بالصلاة إذا بالرجل جبرائيل .. لمسني.. وقال: يا دانيال إني خرجت الآن لأعلمك الفهم" (دا 9: 21)
 
(ب‌)    إبلاغها البشري لبني البشر:
+ "سلام لك أيتها المنعم عليها ... ها أنت ستحبلين وتلدين إبناً وتسمينه يسوع" (لو 1: 28، 31)
+ "فقال له الملاك لا تخف يا زكريا لأن طلبتك قد سمعت وإمرأتك اليصابات ستلد لك إبناً" (لو 1: 13)
+ "فقال لهم الملاك لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم ... إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لو 2 : 10 ، 11)
 
(ج) قيامها بالحراسة والإنقاذ:
"ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم" (مز 34: 7)
قول يعقوب "الملاك الذي خلصني من كل شر" (تك 48: 16)
"إلهي أرسل ملاكه وسد أفواه الأسود" (دا 6: 22)
"لأنه وقف بي هذه الليلة ملاك الإله الذي أنا له والذي أعبده قائلاً لا تخف يا بولس" (أع 27: 23)
 
(د) شفاعتها عنا أمام الله:
"فأجاب ملاك الرب وقال يا رب الجنود إلى متى أنت لا ترحم أورشليم ومدن يهوذا، لذلك هكذا قال الرب قد رجعت إلى أورشليم بالمراحم...." (زك 1: 12، 11)
 
 
وتؤمن الكنيسة الأرثوذكسية برئاسة الملاك ميخائيل لجميع طغمات الملائكة وأنه ملاك القيامة الذي بشر النسوة حاملات الطيب قائلاً لهن المسيح قام من الأموات.
 
والذي بين أيدينا هو مخطوط قديم وجد بأحد الأديرة عن عجائب وميامر رئيس الملائكة ميخائيل، وتمشياً مع هدف الكنيسة في هذه الأيام – هدف تزويد شعبها بالكتابات الأرثوذكسية... حتى نثق بإيمان في شفاعة رئيس الملائكة ميخائيل الذي يظهر في أماكن كنسية ويعلن مجد الرب، وبشفاعته وقوته ثم شفاء الكثير من الناس علاوة على خروج الأرواح النجسة من كثيرين.
 
وفقنا الله، بشفاعة رئيس الملائكة ميخائيل، وكلية الطهر والدة الإله السيدة العذراء ، وصلوات أبينا الطوباوي الأنبا شنوده بابا وبطريرك الكرازة المرقسية – إلى كل ما فيه خير الكنيسة.
 
تقليد قديم: وكان هناك تقليد تسلمناه من آبائنا الأوائل . هو التذكار الشهري لرئيس الملائكة الجليل ميخائيل – حيث تقام القداسات وتتعاظم الاحتفالات وتنحر الذبائح وتتكاثر التقدمات وتجهز الولائم لأشباع البطون الخاوية لاسيما أخوة الرب الفقراء ويتخلل تلك المهرجانات قراءة "الميامر" بأنغام روحية كنسية.
 
إن اسم ميخائيل هو "من مثل الله"، نعم في كل معجزة يصنعها الجليل ميخائيل رئيس الملائكة نمجد الله ونقول " من مثل الله" !!!
 
يتمجد أسم الرب القدوس حين يعلن الله عجائب ومعجزات تظهر ببركة رئيس جند الرب ميخائيل وهي كثيرة في أيامنا الحاضرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر شفاء أمراض جسدية ، إخراج أرواح شريرة ، إبطال أعمال السحر، فك المربوطين والمقيدين وهذه المعجزات تمت في جيلنا المعاصر... إنها ظواهر كثيرة تمت في حبرية البابا شنودة الثالث مثل ظهور العذراء القديسة مريم ومعجزاتها في كنيسة القديسة دميانة بأرض بابادوبلو وأماكن كثيرة...
 
الأعجوبة العظيمة التي لرئيس الملائكة ميخائيل (12 هاتور) مع دوروثاؤس وثاؤبسته زوجته للأنبا ثاؤدسيوس
.. وذلك أنه كان إنسان أرخن ساكناً بسنهور المدينة يسمى "دوروثاؤس ، وله زوجة مؤمنة تسمى "ثاؤبسته"، هذان كانا بارين تقيين محبين للصدقة والمعروف ، كاملين الرحمة والمحبة، وكانت لهما قرابين عظيمة على اسم الله ورئيس ملائكته الأطهار ميخائيل ، وكان والدهما قد ترك لهما إرثاً عظيماً وأموالاً عظيمة مع أعداد كثيرة من الغنم والبقر مع بقية زينة هذا العالم، وكان الإثنان إذا بلغا اليوم الثاني عشر من كل شهر يهتمان بالقرابين من باكر اليوم الحادي عشر ويرسلانها إلى بيعة رئيس الملائكة ميخائيل بنشاط عظيم بغير توان، ويهتمان بعد ذلك بذبح الأغنام ويصنعان الطعام للشعب ويدعوان الفقراء إلى منزلهما بعد القداس الإلهي، ويجمعان كل المعوزيين الأيتام والأرامل والغرباء، والعرج والعمي ويخدمانهم بنشاط وسعة روح وفرح قلب حتى ينتهي الأكل، وبعد زمان قل مالهما ولم يبق منه سوى القليل. فلما كان الحادي عشر من شهر بابه قال المبارك دوروثاؤس لزوجته لماذا يا أختى أنت متغافلة ولم تهتمي بالعيد كالعادة أما تعلمين أن الغد تذكار رئيس الملائكة الطاهر ميخائيل، فقالت له زوجته المباركة... حي هو الرب يا أخي إن هذا الفكر من قلبي من أمس ولكنني لم أجد جسارة أن أسألك لأني أعلم الحال، والآن عظيم هو فرحي لأنك لم تنس قربان الله، فاصنع يا أخي كما قلت. فلما كان الثاني عشر من شهر هاتور قاموا سحراً جداً، وأكملا جميع خدمتهما ولم ينقصا شيئاً عن زمن سعتهما وقدما قليل دقيق ويسيراً من الخمر للبيعة، وبعد إنتهاء القداس الإلهي دعوا الشعب كالعادة إلى منزلهما وقدما لهم ما هيآه من الطعام وأطلقوهم بسلام.
 
وبعد ذلك فني جميع ما كان لهما ولم يبق لهما غير ثياب العرس فقط ومع هذا كله كانا يمجدان الله ورئيس الملائكة ميخائيل، وأنهما قام الإثنان وصليا هكذا قائلين .... يا ربنا يسوع المسيح إغفر لنا وأعنا يا رئيس الملائكة ميخائيل، وأطلب إلى الله لأجلنا أن يفتح لنا يد بركته ، لكي لا ينقطع منا رجاء صدقتك وقربانك هذا الذي نعطيه الله بإسمك الطاهر يا رئيس الملائكة ميخائيل أنت تعرف نيتنا الصادقة في محبتك، ونحن ليس لنا شفيع غيرك، أنت معين لنا منذ صغرنا وإلى الأبد، فلتشفع فينا عند الله ليخلصنا ، نحن الآن نسألك يا مهتم وصالح يا شفيعنا الطاهر ميخائيل إن كان هذا الحزن العظيم لا بد أن يكون لنا في أخرتنا بعد العهود التي قررناها معك بين يدي الله فإن قربانك وصدقاتك لله باسمك لا تنقطع منا فلتدركنا رأفتك يا شفيعنا رئيس الملائكة ميخائيل أنت ترى ما قد حل بنا من الذل والمسكنة والفقر والفاقه وذلك من أجل خطايانا، جيد لنا أن نموت أفضل من أن نعيش في هذه المسكنة العظيمة .. والآن نحن نظهر ضيقتنا أمامك يا رئيس الملائكة ميخائيل مدبر النفوس السائل في الخليقة لا تغفل عنا يا سيدي كما هو مكتوب أن ملاك الرب يحوط بخائفيه ويخلصهم ..، ويقول داود النبي أيضاً.. البار يطلب الخبز النهار كله والرب يرحم ويعطي، فهوذا الآن ترى يا شفيعنا ميخائيل رئيس قوات السماء أننا نحن عبيدك قد تمسكنا جداً، أعنا يا الله مخلصنا يا رجاء أقطار الأرض كلها ، وأيضاً يقول ... نشكر الرب لأن الرب أعطى والرب وأخذ فليكن اسم الرب مباركاً إلى الأبد ومشورة الرب تكون. أمين.
 
وكان هذان القديسان "دوروثاؤس وثاؤبسته" زوجته يقولان هكذا وهما مداومان على الصلاة والطلبة إلى الله والتشفع برئيس الملائكة ميخائيل فلما بلغا إلى الوقت الذي عادتهما أن يهتما فيه بالقربان لأجل العيد كلم دوروثاؤس زوجته قائلاً: لماذا أنت يا أختى جالسة ، قومي الآن واهتمي بالعيد هل نسيت القربان المقدس، أو ثقل عليك ذكر رئيس الملائكة الأطهار ميخائيل. وأن الطوباوية ثاؤبسته أجابت بعلها قائلاً .. حسناً أتيت إلي بهذه البشارة يا أخي الحبيب الذي ذكرت اسم رئيس الملائكة ميخائيل بالحقيقة أن من باكر النهار لم تنقطع عني الدموع وإلى الآن ، ونار تتقد في أحشائي من أجل اهتمامي بعيد رئيس الملائكة الأطهار ميخائيل. فالآن أنظر يا أخي ماذا نصنع لئلا ينقطع رجاء صدقتنا بين يدي الله لأن مصباح الشريعة بولس الرسول يقول في رسالته .. من إبتدأ بعمل صالحاً يكمله إلى يوم ظهور ربنا يسوع المسيح. أجابها دوروثاؤس قائلاً .. أنه لم يبق لنا شيء إلا خروف واحد ولكن مشيئة الله تكون. جيد لنا أن ندفع قليلاً من أن لا ندفع شيئاً، وهوذا لنا ثوبان آخذ ثوبي وأشتري به قمح القربان، وإذا كان باكر آخذ ثوبك وأشتري به أيضاً خروفاً آخر، وكانا يقولان هكذا وهما يبكيان بكاء شديداً، وأنه قام مسرعاً وفعل كذلك فرهن ثوبه عن القمح للقربان وكان هذا في الحادي عشر من شهر هاتور، ولما كان باكر اليوم الثاني عشر أخذ الثوب الذي لزوجته ومضى وهو يدعو الله ورئيس ملائكته الطاهر ميخائيل ليعد طريقه، وفيما هو كذلك  وجد راعي غنم فقال له .. السلام لك يا أخي الحبيب ، أجابه قائلاً .. الرب يكون معك . فقال له دوروثاؤس ترى نجد عندك خروفاً لهذا الرجل الرئيس الذي عندنا اليوم. أجابه الراعي كم يكون ثمنه فقال ثلاثة دنانير، وأنه لوقته أخرج الثوب الذي له وناوله للراعي فلم يأخذه منه بل قال له .. ماذا أعمل بهذا إذ ليس عندي أحد يلبس غيرالصوف ولم يعطه الخروف، فرجع المبارك دوروثاؤس في طريقه وهو حزين باك، وفيما هو كذلك تطلع فرأى رئيس الملائكة ميخائيل لابساً حلة ملوكيه وهو راكب حصاناً أبيض في هيئة أسفهسلار الملك، فقال لدوروثاؤس .. السلام لك أيها الرجل المؤمن ، إلى أين كنت ماضياً وحدك ، فأجابه قائلا... لك افضل السلام يا سيدي ومولاي الأمير، وحسناً مجيئك اليوم إلينا ، فقال له .. أترى  إمرأتك ثاؤبسته بالحياة أجابه دوروثاؤس قائلاً... نعم يا سيدي ، قال .. ما هذا الذي  في يدك، فقال له .. هو ثوب عبدتك زوجتي، وماذا تصنع به؟ أجاب .. أن رجلاً جليل القدر حضر إلينا ولم نجد ما نقوم به لأنه لم يتبق لنا شيء من المال، وحاولت أن أشتري به خروفاً فلم يمكن ذلك ولا أعلم ماذا أصنع؟ ... وأخذت لك الخروف وكل ما تحتاج إليه هل تضيفني ومن معي؟ .. أجابه دوروثاؤس  وقال ... أترى أكون مستحقاً لهذا أن تدخل تحت سقف بيتي. وأن الطاهر ميخائيل قال لأحد الملائكة المتشبهيين بالجند التابعين له إمض إلى الراعي مع دوروثاؤس وقل له هكذا يقول لك الأمير الذي عبر بك تلك الساعة أرسل لي خروفاً يكون ثمنه ثلاثة دنانير، وهو يرسل لك ثمنه في نصف النهار، وأن دوروثاؤس مضى مع الملاك إلى الراعي فأعطاه الخروف وعاد إلى الرئيس الذي هو ميخائيل، وقال أيضاً لأحد الجند إمض إلى النهر وقل للصياديين .. يقول لكم الأمير الذي جاز بكم الساعة أرسلوا حوت سمك جيد ثمنه ثلث دينار وهو يرسل لكم ثمنه في نصف النهار. فمضى الملاك المتشبه بالجند إلى الصياديين باسم رئيس الملائكة ميخائيل وقال لهم كذلك فأعطوه الحوت فأخذه وأتى به إلى دوروثاؤس، وكان دوروثاؤس مفكراً كيف يجد ثمن الخروف والسمكة وما يحتاج إليه الرئيس من خمر وخبز وفرش. فكان سائراً في الطريق وفي قلبه أفكاراً كثيرة، وكان يصلي ويطلب إلى الله قائلاً الله أعني ، يا رئيس الملائكة ميخائيل شفيعي قف معي اليوم لأنك تعرف إني فعلت كل هذا باسمك طالباً بذلك غفران خطاياي.
 
وكان رئيس الملائكة ميخائيل يعرف أفكاره ويطيل روحه، فلما وصلوا إلى باب منزل دوروثاؤس دق الرئيس الباب فخرجت الطوباوية ثاؤبسته فقال لها رئيس الملائكة ميخائيل المتشبه بالأمير ... السلام لك أيتها المؤمنة . فأجابته قائلة .. عبدتك تسجد أمام أقدامك أيها السيد الأرخن، حسناً مجيئك إلينا اليوم، وفيما هم كذلك ، وإذا دوروثاؤس أتى ومعه الخروف والسمكة والثوب فوضعها قدام زوجته، فقالت له يا سيدي أين وجدت كل هذا؟ ... أجابها دوروثاؤس قائلاً ... أن هذا الرجل الرئيس ضمني وأخذ لي هذه الأشياء وأن الرئيس قال لهما إهتما بالموضع جيداً  وإذبحا الخروف وهيئا ما يحتاج إليه المدعوون، أما هذا الحوت السمك فاتركاه إلى أن أجىء وأصلحه كما أريد لأني ماض إلى الكنيسة لأحضر القداس من أجل أنه عيد رئيس الملائكة الجليل ميخائيل، ولما قال هذا خرج من عندهما ولم يعلما من أين هو، بل كانا يظنان أنه من رؤساء العالم. فقاما مسرعين وأصلحا البيت كما يجب، ومضيا إلى مخزن الخمر ليأخذا خمراً للقربان فوجداه مملوءاً إلى الباب، فخافا جداً عندما رأيا ذلك، وخاطب دوروثاؤس زوجته قائلاً .. هل أحد من الناس أتى إليك بخمر؟ .. أجابته قائلة .. حي هو الرب أنه من الوقت الذي أخرجنا فيه خمر القربان الماضي لم يبق لنا سوى جرة (وعاء) واحدة، فقال لها .. تمهلي حتى أنظر بقية المخازن، فمضيا إلى أماكن الزيت فوجداها مملوءة زيتاً مع ما يحتاجان إليه، ثم أتيا إلى الخزائن المختصة بالأقمشة فوجداها مملوءة أيضاً ملابس حسنة والديباج، وكل ما يحتاجون إليه لهذا العالم ثم مضيا إلى مكان القمح فوجدا قمحاً كثيراً وعلما النعمة التي أدركتهما من قبل الله بشفاعة رئيس الملائكة الأطهار ميخائيل.
 
وإنهما فرشا منزلهما جيداً وهيئا ما يحتاجان إليه، ووضعا الموائد كالعادة وتزينا بلباس فاخر ومضيا إلى البيعة وسجدا أمام الله وشكراه على ما أنعم عليهما لأجل النعمة التي أدركتهما بشفاعة رئيس الملائكة ميخائيل، وصليا هكذا قائلين ... نشكرك يا ربنا يسوع المسيح مع أبيك الصالح والروح القدس الإله الواحد لأنك أنعمت علينا بنعمة تفوق استحقاقنا من قبل طلبات رئيس ملائكتك الطاهر ميخائيل، لأنك لم تبعد عنا رحمتك ولم تغفل عن تضرعاتنا وقرابيننا وأرسلت علينا تحننك سريعاً، ثم بعد ذلك تناولا من الأسرار المقدسة ومضيا إلى منزلهما وأستدعيا كل من في البيعة من الرجال والنساء وأتيا بهم إلى منزلهما ، وجلسا ينتظران الرئيس المتشبه بالأمير، وفيما هما كذلك إذ أتى ودق الباب فخرجا إليه مسرعين واستقبلاه قائلين حسناً مجيئك إلينا مع جندك أيها السيد الرئيس الأمير الجليل، فبالحقيقة نفرح اليوم كثيراً، وإن الرئيس الذي هو ميخائيل دخل البيت فوجده مملوءاً من الناس إلى الباب، فقال لهما .. ما حاجاتكما بهذا الجمع العظيم يا إخوة العلكم ثقلتما على نفسيكما لأجلنا ؟  أما تنظران يا أخويّ الضيق والغلاء الكائن للناس اليوم.. هيهات إذا كان هذا في وقت الرخاء، ثم قالا له .. يا سيدنا الأرخن إغفر لنا لأننا لم نفعل هذا من أجلك ، وليس الحاضرون معنا غرباء عنا بل هم إخوتنا في المسيح يسوع أولاد البيعة وهم لنا . فلما سمع رئيس الملائكة ميخائيل كلامهما هذا فرح كثيراً. وقال لدوروثاؤس .. أحضر لي السمكة دون أن تسلخها ، فأمره أن يفتح فاها ويخرج بلعومها أولاً، ففعل كذلك ووجد داخلها ثلثمائة ديناراً وثلاثة أثلاث ذهب. فرفع عينيه وقال ... عادل أنت يا رب وكل أحكامك مستقيمة ، ومحبتك لا تحصى ولا تعد ...
 
وإن الرئيس الذي هو ميخائيل قال لدوروثاؤس وثاؤبسته زوجته .. إحضرا وخذا الذهب من أجل أنكما تعبتما معنا كثيراً وهذه الثلاث أثلاث واحد للراعي ثمنا للخروف، وواحد للصياد ثمناً لحوت السمك، وواحد ثمناً للقمح الذي رهنتما الثوب له أمس ودفعتماه للقربان.
وإن دوروثاؤس  وثاؤبسته سجدا أمام الرئيس قائلين .. ماذا فعلنا معك يا سيدي حتى نأخذ هذا الذهب عوضه ، ولتعلم أن هذا الذي نفعله هو رسم باسم رئيس الملائكة الأطهار ميخائيل، ولكن نحن الآن نأخذ الثلاث أثلاث فقط لنعطيها عوض ما أخذناه باسمك. فأجابهما الرئيس الذي هو ميخائيل وقال لهما ... وحق حياة سيدي الملك لا بد أن تأخذا الذهب كله ولا تتركان منه شيئاً وليس هذا فقط بل إذا أتيتما هناك سوف نعطيكما رأس المال مضاعفاً. فتعجب دوروثاؤس وثاؤبسته من هذا الكلام كثيراً وقالا له .. إننا لم نرك قط يا سيدنا إلا في هذا اليوم، ولم نعطك شيئاً، فلماذا نأخذ منك . فقال لهما .. أنا أعرفكما وأعرف حالكما من حين ميلادكما حتى الآن وآتي إلى منزلكما في كل شهر  وبعد أن أمضي ترسلان لي كرامات عظيمة ، فهذا ذخرته بإسمكما  وكتبت إسميكما في مدينة ملكي لكي تعطى لكما مضاعفة . فسجد أمام قدميه قائلين .. نسألك يا سيدنا أن تعرفنا بإسمك لأننا تحيرنا جداً. فأجابهما قائلاً.. إلى الآن ما عرفتاني؟...
أنا هو ميخائيل رئيس عساكر النورانيين ، أنا هو ميخائيل الواقف أمام ضابط الكل أشفع في جنس البشر، أنا هو ميخائيل الجبار مفرق الحروب من قدام سيدي الملك، أنا هو ميخائيل فخر السمائيين، أنا هو ميخائيل الذي حنان الله كائن فيه المملوء رحمة ورأفة على خليقة الله، أنا هو ميخائيل الواقف بين يدي الله في كل حين، أنا هو ميخائيل الذي يقدم قرابين الصديقين وسؤال الأبرار والأصفياء إلى حجاب الآب، أنا هو ميخائيل الذي يمشي مع المتوكلين على الله ، أنا هو ميخائيل خادم جميع البشريين ، أنا هو ميخائيل الذي خدمتكما إلى الآن حتى أوصل نفسيكما إلى السيد المسيح ملكي الذي لا يزول، أنا لست غافلاً عن قرابينكما وتقدماتكما أمام الله بإسمي، ألست أنا قائماً في وسطكما وأنتما مستعدان بحاجة العيد وحمل القرابين إلى البيعة هل كنت بعيداً عنكما وأنتما تسألان قائلين ... إنقلنا من هذا العالم قبل أن ينقطع منا رجاء قرابينك وصدقاتك ، هل لم أراكما وقت أن أخرجتما ثيابكما لتبيعاها لأجل القربان . في هذا كله كنت معكما ، ولست ناسياً صدقتكما  وقرابينكما ، وأيضاً قبلت منكما هذا وقدمته أمام الله ربي، الخير يكون لكما مثل معنى أسميكما دوروثاؤس عطية الله، وثاؤبسته المؤمنة بالله. أنا هو ميخائيل الذي أخذت صلواتكما وقرابينكما وقدمتها إلى الله ضابط الكل .
 
شفاعة سيدتنا كلنا العذراء القديسة مريم ورئيس الملائكة الأطهار ميخائيل تكون معكم. آمين .
 
"لا تنسو إضافة الغرباء لأن بها أضاف أناس ملائكة وهم لا يدرون" (عب 13: 2)
 
عن كتاب عجائب وميامر رئيس الملائكة ميخائيل
القمص إشعيا ميخائيل
EL/26.01.2004
_____________________________________________________________
 
 
 
 
ذوكصولوجية رئيس الملائكة الجليل ميخائيل
 
ميخائيل رئيس السمائيين         هو الأول في الطقوس الملائكية
يخدم أمام الرب
إن الله يرسل لنا                 مراحمه ورأفاته
بسؤال ميخائيل رئيس الملائكة العظيم
وتكمل الأثمار                   بطلبات ميخائيل
لأنه قريب إلى الله يسأل فينا
كل عطية صالحة               وكل موهبة تامة
إنما تهبط لنا من فوق من عند أبي الأنوار
فلنسبح ونمجد                   ونسجد للثالوث القدوس
المساوي الدائم إلى الأبد
إشفع فينا                       يا رئيس الملائكة الطاهر
ميخائيل رئيس السمائيين ليغفر لنا
خطايانا
------------------------
عن كتاب الأبصلمودية السنوية المقدسة – القمص عطالله أرسانيوس المحرفي
 
 
+++
ذكصولوجية للملاك ميخائيل تقال في أيام الفرح (الخماسين)
 
عند قيامة المسيح توجهت النسوة حاملات الطيب وطلبن باجتهاد
فظهر لهن ميخائيل
وكانت هيئته مثل البرق المنير ولباسه أبيض كالثلج
فأجاب وقال للنسوة حاملات الطيب
إن الذي تطلبنه قد قام وليس ههنا
إذهبن وأسرعن وقلن لرسله إنه قام من بين الأموات كما قال لكم
 إفرحوا لأن الذي صلب قد قام وسيسبقكم  إلى الجليل
هناك ترونه  ها قد قلت لكن
 
عظيمة هي كرامتك يا ميخائيل رئيس السمائيين
لأنك أنت بشرتنا بقيام الرب
أيها المسيح ملك المجد المصلوب عنا
قد قمت من بين الأموات ومنحتنا بهجتك
إشفع فينا أيها المبوق بالقيامة ميخائيل رئيس السمائيين ليغفر لنا خطايانا.
++++++++++++++++++++++++++++

 

القديس متياس الرسول

 

ولد القديس متياس في بيت لحم. وكان من المرافقين للرسل، وهو الذي اختير عوض يهوذا الاسخريوطي في اجتماع علية صهيون، عندما قال بطرس الرسول: أيها الرجال الإخوة، كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس، فقاله بفم داود عن يهوذا الذي صار دليلاً للذين قبضوا على يسوع. إذ كان معدوداً بيننا وصار له نصيب في هذه الخدمة. فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم، وإذ سقط على وجهه ، انشق من الوسط، فانسكبت أحشاؤه كلها. وصار ذلك معلوماً عند جميع سكان أورشليم، حتى دعى ذلك الحقل في لغتهم: حقل دم، لأنه مكتوب في المزامير" لتصر داره خراباً ولا يكن فيها ساكن وليأخذ وظيفته آخر. فينبغي أن الرجال الذي اجتمعوا معنا كل الزمان الذي فيه دخل إلينا الرب يسوع وخرج. منذ معمودية يوحنا إلى اليوم الذي ارتفع فيه عنا يصير واحد منهم شاهداً معنا بقيامته. فأقاموا اثنين: يوسف، الذي يدعى بارسابا، الملقب يوستس (أي عادل) ، ومتياس. وصلوا قائلين" أيها الرب العارف قلوب الجميع، عين أنت من هذين الاثنين أيا اخترته ، ليأخذ قرعة هذه الخدمة والرسالة التي تعداها يهوذا ليذهب إلى مكانه. ثم ألقوا قرعتهم، فوقعت القرعة على متياس، فحسب مع الأحد عشر رسولاً (مت 27 : 8 و أ ع 1: 15 – 26).

 

وبعد ذلك، امتلأ متياس من الروح القدس، وذهب يكرز بالإنجيل حتى وصل إلى بلاد قوم يأكلون لحوم البشر، ومن عادتهم أنهم عندما يقع في أيديهم غريب، يضعونه في السجن، ويطعمونه من الحشائش مدة ثلاثين يوماً، ثم يخرجونه ويأكلون لحمه. فلما وصل إليهم القديس متياس، ونادى فيهم ببشارة المحبة، قبضوا عليه، وقلعوا عينيه، وأودعوه السجن، ولكن قبل أن تنتهي المدة، أرسل إليه الرب، اندراوس وتلميذه، فذهبا إلى السجن ، ورأيا المسجونين وما يعمل بهم. فأوعز الشيطان إلى أهل المدينة أن يقبضوا عليهما أيضاً ويقتلوهما.

 

ولما هموا بالقبض عليهما، صلى القديسان إلى الرب، فتفجرت عين ماء من تحت أحد أعمدة السجن... وفاضت حتى بلغت إلى الأعناق، فما ضاق الأمر بأهل المدينة، ويئسوا من الحياة، أتوا إلى الرسولين، وبكوا  معترفين بخطاياهم. فقال لهم الرسولان: آمنوا بالرب يسوع المسيح وأنتم تخلصون. فآمنوا جميعهم، وأطلقوا القديس متياس.

 

وهذا تولى مع أندراوس وتلميذه تعليمهم سر تجسد المسيح بعد أن انصرفت عنهم تلك المياه بصلاتهم وتضرعهم ، ثم عمدوهم باسم الثالوث المقدس. وصلوا إلى السيد المسيح، فنزع منهم الطبع الوحشي، ورسموا لهم  أسقفاً وكهنة ، وبعد أن أقاموا عندهم مدة، تركوهم، وكان الشعب يسألونهم سرعة العودة.

 

أما متياس الرسول، فإنه ذهب إلى مدينة دمشق، ونادى فيها باسم المسيح، فغضب أهل المدينة عليه، وأخذوه، ووضعوه على سرير حديد، وأوقدوا النار تحته، فلم تؤذه، بل كان وجهه يتلألأ بالنور كالشمس. فتعجبوا من ذلك عجباً عظيماً، وآمنوا كلهم بالرب يسوع المسيح على يدى هذا الرسول، فعمدهم، ورسم لهم كهنة ، وأقام عندهم أياماً كثيرة وهو يثبتهم على الإيمان. وبعد ذلك، تنيح بسلام في إحدى مدن اليهود التي تدعى فالاون، وفيها وضع جسده. تاريخ نياحته في اليوم الثامن من شهر برمهات المبارك حوالي سنة 63 م. صلاته تكون معنا. آمين.

السنكسار

                                                                                      EL/09.01.2004

 

 
 
في عهد البابا كيرلس السادس المائة والسادس عشر من باباوات الاسكندرية ( 1684 للشهداء الموافق 2\4\1968 لميلاد المسيح) ، بدأت سيدتنا كلنا وفخر جنسنا مريم العذراء تتجلى في مناظر روحانية نورانية في وعلى قباب الكنيسة المدشنة باسمها الطاهر في حدائق الزيتون من ضواحي مدينة القاهرة.
 
وقد توالى هذا التجلى في ليال متعاقبة بصورة لم يعرف لها نظير في الشرق أو في الغرب ، ويطول هذا التجلي في بعض الليالي إلى بضع ساعات دون توقف أمام عشرات الألوف من البشر من جميع الأجناس والأديان ، والكل يراها بعيونهم ، ويشيرون إليها ويستشفعون بها في ترتيل وابتهال ودموع وتهليل وصلاة وهي تنظر إلى الجماهير نظرة حانية ، ترفع أحيانا كلتا يديها لتباركهم من جميع الاتجاهات.
 
وأول من لاحظ هذا التجلي هم عمال مؤسسة النقل العام بشارع طومان باي الذي تطل عليه الكنيسة ، وكان الوقت مساء، فرأى الخفير عبد العزيز علي، المكلف بحراسة الجراج ليلاً، جسماً نورانياً متألقاً فوق القبة ، فأخذ يصيح بصوت عال "نور فوق القبة"، ونادى على عمال الجراج، قأقبلوا جميعاً، وشهدوا أنهم أبصروا نوراً وهاجاً فوق القبة الكبرى للكنيسة وأحدقوا النظر ، فرأوا فتاة متشحة بثياب بيضاء، جاثية فوق القبة وبجوارالصليب الذي يعلوها. ولما كان جدار القبة مستديراً وشديد الانحدار فقد تشمرت أقدامهم وهم يرقبون مصير الفتاة. مضت لحظات، شاهدوا بعدها الفتاة الجاثية وقد وقفت فوق القبة فارتفعت صيحاتهم إليها مخافة أن تسقط، وظنها بعضهم يائسة تعتزم الانتحار، فصرخوا لنجدتهم وأبلغ بعضهم شرطة النجدة، فجاء رجالها على عجل، وتجمع المارة من الرجال والنساء، وأخذ منظر الفتاة يزداد وضوحاً، ويشتد ضياء ، وظهرت الصورة واضحة لفتاة جميلة في غلالة من النور الأبيض السماوي تتشح برداء أبيض ، وتمسك في يدها بعض من أغصان شجر الزيتون ، وفجأة طار سرب من الحمام الأبيض الناصع البياض فوق رأسها. وحينئذ، أدركوا أن هذا المنظر روحاني سماوي. ولكي يقطعوا الشك باليقين ، سلطوا أضواء كاشفة على الصورة النورانية ، فازدادت تألقاً ووضوحاً، ثم عمدوا إلى تحطيم المصابيح الكهربائية القائمة بالشارع والقريبة من الكنيسة ، فلتختف الصورة النورانية ، فأطفأوا المنطقة كلها ، فبدت الفتاة في ضيائها السماوي، وثوبها النوراني أكثر وضوحاً، وأخذت تتحرك في داخل دائرة من النور يشع من جسمها إلى جميع الجهات المحيطة بها. عندئذ، أيقن الجميع بأن الفتاة التي أمامهم هي دون شك مريم العذراء، فعلا التصفيق والصياح والتهليل حتى شق عنان السماء "هي العذراء .. هي أم النور..: ثم انطلقت الجموع تنشد وترتل وتصلي طوال الليل حتى صباح اليوم التالي.
 
ومنذ هذه الليلة والعذراء الطاهرة تتجلى في مناظر روحانية مختلفة أمام الألوف وعشرات الألوف من الناس ، مصريين وأجانب ، مسيحيين وغير مسيحيين، رجالاً وسيدات وأطفالاً، ويسبق ظهورها ويصحبه تحركات لأجسام روحانية تشق سماء الكنيسة بصورة مثيرة جميلة ترفع الإنسان الطبيعي فوق مستوى المادة، وتحلق به عالياً في جو من الصفاء الروحي.
 
ومن أهم المناظر التي تجلت فيها أم النور أمام جميع الناس، منظرها بين القبة القبلية الغربية للكنيسة والقبة الوسطى، وهي تبدو في جسم نوراني كامل في الحجم الطبيعي لفتاة شابة ، وأحياناً أكبر من الحجم الطبيعي، رأسها في السماء وكأنها شقت السماء ونزلت منها ، وقدماها في الفضاء واقفة على أصابعها ، تحيط رأسها المقدس وجسمها المضيء طرحة فضية بهية، وأحياناً زرقاء سماوية داكنة ، والجسم كله نور من نور، يبدو في الغالب فوسفورياً يميل إلى الزرقة الفاتحة، وأحياناً يبدو الرداء من تحت الطرحة نورانياً أبيض ناصعاً ، والرأس من تحت الطرحة منحنية إلى أسفل في صورة العذراء الحزينة ونظراتها نحو الصليب الذي يعلو القبة الكبرى في منتصف سطح الكنيسة . والمنظر يثبت على هذا الوضع حيناً ويتحرك حيناً في هدوء وبطء، وينحني أمام الصليب حيناً آخر، والصليب نفسه يضيء ويشع نوراً مع أنه من المسلح، وهو جسم معتم. ويشع من جسم العذراء نور ينتشر فيتدرج يضيء سماء الكنيسة في محيط يشغل معظم مساحة السطح. وقد ترفع العذراء يديها تخفضهما وقد تعقدهما على صدرها كمن يصلي، وهي ملفوفة في طرحتها البيضاء في نظرات الهدوء والسكينة والوقار. وأحيانا يظهر من خلفها ملاك فارع الطول فارداً جناحيه ، وقد يطول هذا المنظر إلى بضع ساعات.
 
ومن أهم المناظر أيضاً، منظر أم النور في وقفة ملكة عظيمة في صورة روحانية جميلة تفيض جلالاً وبهاء وكرامة، في نور أبهى لمعاناً من أي نور طبيعي، تحيط بوجهها هالة بلون أصفر فاتح. وأما أسفل العنق، وأعلى الصدر، فبلون داكن نوعاً ما، وعلى رأسها تاج ملكي كأنه من الماس مرصع ويلمع. وأحياناً يبدو فوق التاج صليب صغير مضيء، وقوامها المشرق يرتفع في السماء فوق شجرة بالجهة القبلية من الكنيسة، وفي موقفها السابق، تبدو حاملة المسيح له المجد في صورة طفل على يدها اليسرى وعلى رأسه تاج. وتارة تظهر ويداها تضمان أطراف ثوبها ، وتارة أخرى ترفع كلتا يديها وكأنها تبارك العالم وهي تتجه إلى اليمين وإلى الأمام وإلى اليسار في حركة وقورة متزنة يجللها سمو روحاني لا يعبر عنه ولا ينطق به ، ورداؤها الأبيض يهفهف من ذيله وكأنها تظهر ذاتها لجميع الناس في جميع الاتجاهات مشفقة على الذين لم يستطيعوا لكثرة الزحام أن يصلوا إلى زاوية الرؤيا المواجهة لمدخل الكنيسة في الحارة الضيقة المسماة حارة خليل. وفي هذا المنظر، تبدو العذراء الطاهرة  في الحجم الطبيعي لعذراء شابة في قامة صحية مثالية، وجسم فارع رقيق، تكسوه غلالة من نسيج نوراني حتى القدمين ويزداد المنظر روعة عند انحناءة الرأس المقدس في شبه إيماءة حانية.
 
ولعل أكثر المناظر ظهوراً تجليها عديداً من المرات في شكل فتاة ترتدي طرحة بيضاء تطل من طاقة في القبة الشرقية البحرية بين طاقات هذه القبة تومئ برأسها الملكي أو ترفع كلتا يديها وكأنها تحيي أو تبارك. وتارة تبدو حاملة المسيح له المجد في صورة طفل على يدها اليسرى وأحياناً تبدو وفي إحدى يديها غصن زيتون. والملاحظ أنه قبل أن تتجلى العذراء في إحدى طاقات هذه القبة – وهي عادة مظلمة حالكة الظلام لأنها مغلقة تماماً من أسفل بسقف الكنيسة بحيث لا تصل إليها أنوار الكنيسة من الداخل عندما تكون مضاءة يظهر أولاً في القبة نور خافت لا يلبث أن يكبر شيئاً فشيئاً حتى يصير في حجم كروي تقريباً ولونه أبيض مائل إلى الزرقة كلون قبة السماء الزرقاء عندما تكون الشمس مشرقة ساطعة. وبعد قليل، يتحرك هذا النور في اتجاه طاقة القبة من الخارج، وفي أثناء تحركه البطيء يتشكل رويداُ رويداً بشكل العذراء مريم في منظر نصفي من الرأس حتى منتصف الجسم، والرأس تحيط به الطرحة التي تبدو بلون أزرق سماوي متدلية على كتفيها، ويبرز هذا الجسم النوراني متمثلة فيه العذراء ويطل من طاقة القبة ويخرج بعض الشئ وخارج القبة إلى فضاء الكنيسة، وأحياناً يقف على سطح القبة المنحدر. وقد يبقى هذا المنظر دقائق وقد يبقى من ربع إلى نصف ساعة. وفي أحيان أخرى يتكون المنظر ويبرز خارج القبة نحو دقيقتين، ثم يتحرك إلى داخل القبة، وحينئذ، يبهت شكله ويعود إلى شكله الكروي ثم ينطفئ أو يختفي بضع دقائق ثم يبدأ أن يظهر من جديد في شكل ضوء خافت ، ثم يكبر حتى يصير في حجم كروي، ثم يتحرك تجاه طاقة القبة وفي حركته يتشكل بشكل العذراء مريم وهي تطل على الجماهير. وهكذا عديداً من المرات. كما حدث هذا مثلاً في ليلة عيد دخول العائلة المقدسة إلى مصر (24 بشنس الموافق أول يونية 1968) . فقد توالى تجلي العذراء في القبة البحرية الشرقية مرات لا يحصيها العد من الساعة العاشرة مساء حتى بزوغ نور الصباح، وهو أكثر المناظر التي تتكرر مرات ومرات في ليال عدة لا حصر لها، وهو المنظر المتواتر الظهور الذي تمتع به أكبر عدد من الناس.
 
ومن بين المناظر الرائعة جداً هذا المنظر الذي تبدو فيه العذراء جسماً بلورياً مضيئاً ناصعاً جداً وهي واقفة وقفة ملكية في قامة منتصبة ممشوقة تملأ إحدى طاقات القبة البحرية الغربية في حجم صغير متناسق وكأنها تمثال من النور الوضاء المشع الأبيض الناصع البياض يمتد كاملاً من الرأس إلى القدمين في كل طاقة القبة بشكل يريح القلب والنفس ويشيع الأمن والسكينة في كل الإنسان حتى ينسى وجوده أمامه من فرط ما يتولاه من انبهار وانجذاب.
 
هذا ، ويصاحب تجليات أم النور ظهور كائنات روحانية مضيئة تشبه الحمام ، وهي عادة أكبر منه حجماً، وتظهر نحو منتصف الليل أو بعده نحو الثانية أو الثالثة صباحاً. والمعروف أن طائر الحمام العادي لا يطير ليلاً. ثم إن هذه الكائنات بيضاء لامعة مشعة بصورة لا يوجد لها نظير في عالم الطيور، خاصة وأنها تظهر في وسط الظلام الحالك متوهجة منيرة من كل جانب من فوق ومن أسفل، ثم إنها تتحرك أو تطير فاردة جناحيها من غير رفرفة في الغالب ، إنها تنساب بسرعة كبيرة وكأنها سهم يشق سماء الكنيسة وتظهر فجأة من حيث لا يعرف الإنسان ومن أين جاءت وتختفي أيضاً فجأة وهي في مدى الرؤية. ويحدث الاختفاء وتكون السماء صحواً، وأحياناً ترى وكأنها خارجة من القبة الكبرى وتتجه نحو القبة البحرية الشرقية تختفي لتعود بعد ثوان في الاتجاه المضاد تماماً. على أن هذه الكائنات الروحانية بشكل الحمام تظهر في تشكيلات وأعداد مختلفة.... فتارة تظهر حمامة واحدة، وتارة حمامتان، وتارة ثلاث حمامات في شكل مثلث متساوي الأضلاع منتظم المسافات وتحتفظ بهذا الشكل في كل فترة الطيران. وتارة يظهر سرب من سبع حمامات أو عشر حمامات أو أثنتي عشر حمامة ، وقد تتخذ شكل صليب في طيرانها ، وأحياناً في تشكيل من صفين متوازيين.
 
ومن بين الظواهر الروحية المصاحبة لتجليات العذراء أم النور، ظهور نجوم في غير الحجم الطبيعي تهبط من فوق في سرعة خاطفة على القبة الوسطى أو على سطح الكنيسة ثم تختفي وهي لامعة ومضيئة وبراقة. وفي بعض الأحيان يظهر النجم في حجم كرة منيرة تهبط من فوق إلى أسفل ، وقد يتخذ النجم شكل مصباح مضيء في حجم متوسط.
 
ومن بين الظواهر المتكررة نور برتقالي اللون يغمر القبة البحرية الشرقية للكنيسة من فوقها ومن جميع الاتجاهات ، وبعد دقائق من ظهوره يتحرك في اتجاه القبة الكبرى ويغمرها من فوق ومن جميع الاتجاهات.
 
وفي أحيان كثيرة ينبعث من داخل القبة البحرية الشرقية خصوصاً نور ساطع أبيض مشرب بشيء من الزرقة بحيث يبدو بلون قبة السماء عندما تكون الشمس ساطعة يظهر في وسط القبة وأحياناً يتحرك من أسفل إلى أعلى، فيبدو كما لو كان معلقاً في الجزء الأعلى من القبة. وفي أحيان أخرى يظهر في وسط القبة في شكل كروي أو بيضاوي ثم يتحرك ببطء شديد إلى خارج إحدى طاقات أو منافذ القبة المطلة على الخارج قبيل أن يتشكل في صورة نصفية للسيدة العذراء تطل من طاقة القبة.
 
ومن بين الظواهر أيضاً نور كبير يظهر على القبة القبلية الغربية أو القبة البحرية الشرقية أو القبة الوسطى في هيئة صليب متساوي الأضلاع في منظر يبلغ حد الإبداع والروعة والجمال.
 
وفي بعض الليالي يغمر القبة الوسطى كمية من بخور أبيض ينتشر فوق سطح الكنيسة كلها ويصعد إلى فوق نحو السماء إلى مسافة 30 أو 40 متراً، علماً بأن القبة الوسطى وإن كانت مفتوحة من داخل الكنيسة ، لكنها ليست مفتوحة من خارج ، بحيث ولو صعد بخور من داخل الكنيسة، فإنه لا ينفذ إلى خارج القبة. ثم إن كمية البخور التي تنتشر فوق القبة وسطح الكنيسة كمية ضخمة لا يكفي لتصعيدها ألف ألف مبخرة. ولولا أن هذا البخور عطري الرائحة وأبيض اللون وناصع البياض، لكان يظن أنه ناجم من حريق كبير.
 
وهناك أيضاً السحاب النوراني الذي يظهر فوق قباب الكنيسة مباشرة تارة بحجم كبير، وغالباً ما يسبق تجليات العذراء، إذ لا يلبث السحاب قليلاً حتى يتشكل رويداً في منظر العذراء أم النور. وأحياناً ينبلج منظر العذراء من بين السحاب، كما ينبلج نور لمبات النيون الكهربائية فجأة. وأحياناً يتحرك وفي كل الأحوال يتحرك فوق القباب فجأة بحيث تكون السماء صحواً ومن دون أن يجيء من مصدر معروف.
 
تلك بعض المناظر التي تجلت بها السيدة العذراء على وفي قباب الكنيسة المدشنة باسمها في ضاحية الزيتون ، والظواهر الروحانية المصاحبة لتلك التجليات. وكلها بشير ونذير بأحداث جليلة خطيرة في المستقبل القريب والبعيد. ولعلها نفحة روحانية من السماء تشير إلى رعاية الله لكنيستنا وشعبنا وبلادنا، وعنايته بنا مما نعتز به ونفخر متهللين، وبانسحاق وندامة على خطايانا نتوب إلى الله راجعين تائبين. ولعلنا بهذه "العلامات العظيمة من السماء"  (لوقا 21 :11) نكون قد دخلنا مرحلة هامة من مراحل الأيام الأخيرة وربما كانت بداية النهاية.
 
فلتدركنا مراحم الله. وليحفظ الرب شعبه وكنيسته ، وليحطم قوة المعاندين لنا بشفاعة ذات الشفاعات معدن الطهر والجود والبركات سيدتنا كلنا وفخر جنسنا، العذراء البتول الزكية مريم، ولإلهنا المجد دائماً أبدياً. آمين.
 
السنكسار
El/01.01.2004
 

 

القديس موريس موريتيوس

+ نشأ هذا القديس في منطقة طيبة (الأقصر) وصار جندياً بالجيش الروماني وترقى حتى صار قائداً للكتيبة الطيبية، وكان عدد جنودها 6600 جندي.

 + أرسلت هذه الكتيبة لصد هجمات القبائل على الحدود الغربية للأمبراطورية الرومانية حسب طلب الأمبراطور مكسيميانوس (286 – 305) .

 + تركزت الكتيبة بطول الحدود الغربية من ألمانيا وحتى إيطاليا وكان مركز الكتيبة قرب مدينة لوزان بسويسرا.

 + كان من عادة الأمبراطور الروماني وجنوده تقديم الذبائح والعبادة للأوثان قبل المعركة ولما أراد أن يشاركه القديس موريس وجنوده، رفضوا وأعلنوا إيمانهم بالمسيح يسوع ، وأرسل القائد موريس خطاباً إلى الأمبراطور باسم جميع أفراد الكتيبة يعلن فيه إيمانهم.

 + غضب الأمبراطور من هذا الخطاب وأمر بتعذيب عشر الكتيبة لإرهاب الباقين وكان الجنود يتقدمون للعذاب معلنين إيمانهم المسيحي جهاراً ثم أمر الأمبراطور بقتلهم جميعاً فاستشهد جميع أفراد الكتيبة وفي مقدمتهم القديس موريس .

 + يوافق يوم استشهاده اليوم الخامس والعشرين من توت المبارك.

 + في يوم 22 فبراير 1994 قام قداسة البابا شنودة الثالث بتدشين كنيسة القديس موريس والقديسة فيرينا بمبنى أسقفية الخدمات بالأنبا رويس.

 بركة صلواته وطلباته فلتكن معنا آمين.

 إصدار أسقفية الخدمات العامة

EL/11 Nov. 2003

 

القديسة مارينا الناسكة

كيف يفوح رائحة البخور  وكيف يتصاعد عطره إن لم يحرق بالنار .....

كيف تنبت حبة الحنطة  إن لم تمت أولاً في الأرض السوداء.....

كيف نستعذب حلاوة السكر  إن لم يدق ويذوب في الماء ......

كيف نشبع خبزاً إلا إذا طحن القمح  ودخل النار......

كيف تظهر فضائل أولاد الله  إلا باحتمال أتون التجارب والآلام....

 امرأة في زي رجل

+ إنه أوجانيوس .. رجل مسيحي أعطاه الله مالاً كثيراً ، ورزقه ابنة فدعاها مريم ، وعاشت الأسرة في فرح وسلام ، وفي ذات صباح انطفـأ المصباح ، وسمعت الأجراس قارعة تعلن نبأ انتقال الزوجة  من عالم الشقاء إلى أرض البقاء  .. وترك الأب وحيداً مع ابنته الصغيرة ، يهتم بها ويرعاها حتى كبرت وصارت في سن الزواج ، ومع أن الرجل كان غنياً لم يستعبده مال أو جاه بل في حب إ لهه كان نامياً.

+  وحينما فكر الأب في أبديته فكر في زواج ابنته لكي يتفرغ للعبادة الديرية ، ولما علمت الابنة ما نوى به في قلبه ، تحرك لسانها ناطقاً: + لماذا يا والدي تخلص نفسك ولا تبالي بنفسي؟ + أجابها الأب في حيرة ما بعدها حيرة .. ماذا أصنع بك يا بنيتي وأنت امرأة؟

أجابته في طلاقة نادرة كاشفة عما في قلبها من حب لإلهها .. انزع عني زي النساء والبسني زي الرجال...

ونهضت في الحال وقصت شعرها، وخلعت ملابسها مرتدية زي الرجال...

ولما رآها أبوها قوية في عزمها ، مصممة على رغبتها وزع كل ماله ودعاها مارينا بدلاً من مريم....

+ وعند شروق شمس يوم جديد ، كان الأب بأقدامه في رمال الصحراء ضارباً ، ترافقه ابنته المرتدية زي الرجال إلى أحد الأديرة ، وهناك كانت حياتهما الجديدة .. استمرا يعبدان الرب بأصوام وطلبات في سجود ومطانيات إلى أن أعلنت السماء رغبتها في استقبال هذا الأب العجوز ، الذي استطاع بحكمته أن يكنز له كنزاً حقيقياً في السماء ، تاركاً سوس الأرض لغير الأنقياء ، أجل لقد زق كعريس إلى السماء .

+ أما مارينا فبعد أن تنيح شيخها ضاعفت أصوامها ، حتى أن الرهبان ظنوا أن رقة صوتها ، وضعف جسمها هو من شدة نسكها وسجداتها .. ولم يعلموا أمرها .

+ وفي أحد الأيام طلب الأب رئيس الدير من بعض الرهبان التوجه إلى المدينة لقضاء بعض حاجات الدير مصطحبين معهم الراهب مارينا ، وهناك في المدينة حدث ما لم يكن في الحسبان .. فتاة شاردة زرعت في حياتها الشر فحصدت ويا ليتها ما حصدت .. صرخت الفتاة كذباً  أن الراهب مارينا أفقدني عفتي ؟... فما كان من أهلها إلا أن أسرعوا إلى رئيس الدير والغضب يملأ قلوبهم ، والوعيد على ألسنتهم.

+ وعندما علم رئيس الدير ذلك استحضر الراهب مارينا الذي لم يدافع عن نفسه مثلما فعل سيده ، لقد كان يدرك في أعماقه أن عناية الله لن تفارقه ، لم يكشف عن نفسه ، ولم يدافع عن شرفه ، بل ارتضى أن يحمل الصليب على كتفيه حباً..

+  لقد تعلم في مدرسة البرية أن الصليب هبة بل شركة آلام وعبور إلى مجد القيامة .. أجل لم يدافع عن نفسه وطرد من الدير وحينما أعطت الآثمة طفلها حملوه إليه ملقين به بين يديه فاخذه حاملاً إياه على كتفيه ...

+ جال به من مكان إلى مكان ، متنقلاً بين الرعاة في صبر وطول أناة ، يسقيه لبناً ويعطيه دفئاً  واثقاً أن الصليب شجرة حياة سيأكل من أثمارها ويشبع ؟

+  وبعد ثلاث سنوات .. الهبت رمال البرية قدميها ، وشمس التجارب لوحتها ، والطفل على كتفيها .. فتحنن الرهبان عليها .. لقد أذنوا له بالرجوع بعد أن فرض رئيس الدير عليه قوانين أثقل مما يحمل على كتفيه ؟..

.... وحينما كبر الصبي ترهب في البرية ..

+ وبعد أربعين عاماً مرض الراهب مارينا ثلاثة أيام ثم تنيح وأمر  رئيس الدير بنزع ثيابه والباسه غيرها ثم حمله إلى موضع الصلاة ولم يكن يعلم أحد بأمرها .

+  ولكن العناية الإلهية لم تشأ أن تترك أولادها ، بل في حبها تفيح رائحة طهرهم وقداستهم ، فحينما تقدموا بخلع ملابسه وجدوه  امرأة وتعالت الأصوات في عجب وبكاء.. يا رب ارحم .. يا رب ارحم .. حتى تزلزل المكان وطار الخبر  في كل مكان إن الراهب مارينا هو : امرأة بزي الرجال

+ ومن الجسد الجاثي الطيب احتمل الصليب شاكراً .. كان الطيب صاعداً  ، لقد تعكر المكان برائحة العفة المنبعثة من هذا الجسد المتهم ظلماً ، وتقدم أحد الرهبان ذات العين الواحدة واضعاً وجهه عليها  متشفعاً بها فإذ بالنور يتفجر من عينه....

 سلام لك يا أمنا .. سلام لك يا وعاء القداسة .

سلام لجسدك حامل سمات الرب يسوع .

اشفعي من أجل ضعفنا وأنت ترنمي في كنيسة الأبكار.

إنها حقاً العناية الإلهية التي أظهرت رائحة حبها وطهرها ...

 القمص فيلمون الأنبا بيشوي | كنيسة العذراء - المرعشلي

EL/11/8/2003

 

الأنبا كاراس السائح

يقول لنا أنبا بموا أعلمكم يا أخوتي بما جرِى في يوم من الأيام سمعت صوتاً يقول لي ثلاث مرات يا بموا يا بموا وهنا لفت انتباهي أن هذا الصوت من السماء وغير مألوف لدي ، إذ لم يناديني أحد بأسمي كثيراً فرفعت عيني إلى السماء وقلت تكلم يا رب فإن عبدك سامع. فقال لي الصوت "قم يا بموا وأسرع عاجلاً إلى البرية الجوانية حيث تلتقي بالأنبا كاراس فتأخذ بركته لأنه مكرم عندي جداً أكثر من كل أحد لإنه كثيراً ما تعب من أجلي ، وسلامي يكون معك".

 فخرجت من كنيستي وسرت في البرية وحدي في فرح عظيم وأنا لست أعلم الطريق في يقين ثابت أن الرب الذي أمرني سوف يرشدني ومضى ثلاثة أيام وأنا أسير في الطريق وحدي وفي اليوم الرابع وصلت لأحدى المغارات، وكان الباب مغلقاً بحجر كبير فتقدمت إلى الباب وطرقته كعادة الأخوة الرهبان أغابي (أي محبة) بارك علي يا أبي القديس وللوقت سمعت صوتاً يقول لي "جيد أن تكون هنا اليوم يا بموا كاهن كنيسة جبل شهييت الذي استحق أن يكفن القديسة الطوباوية إيلارية ابنة الملك زينون.

 ثم فتح لي الباب ودخلت وقبلني وقبلته ثم جلسنا نتحدث بعظائم الله ومجده فقلت له يا أبي القديس هل يوجد في هذا الجبل قديس أخر يشبهك فتتطلع إلى وجهي وأخذ يتنهد ثم قال لي يا أبي الحبيب يوجد في البرية الجوانية قديس عظيم، العالم لا يستحق وطأة واحدة من قدميه وهو الأنبا كاراس. وهنا وقلت ثم قلت له : إذن يا أبي (سمعان القلاع) وأنا لي اليوم ستون سنة لم أنظر في وجه إنسان واتقوت في كل يوم سبت بخبزة واحدة أجدها موضوعة على هذا الحجر والذي تراه خارج المغارة  وبعد أن تباركت منه سرت في البرية ثانياً ثلاثة أيام بين الصلاة والتسبيح حتى وصلت إلى مغارة أخرى كان بابها مغلقاً فقرعت الباب وقلت "بارك علي يا أبي القديس" فاجابني حسناً قدومك إلينا يا قديس الله أنبا بموا الذي استحق أن يكفن جسد القديسة إيلارية ابنة الملك زينون ، أدخل بسلام فدخلت ثم جلسنا نتكلم وقلت له : علمت إنه في هذه البرية قديس آخر يشبهك فإذا به يقف ويتنهد قائلاً: الويل لي أعرفك يا أبي أن داخل هذه البرية قديس عظيم صلواته تبطل الغضب الذي يأتي من السماء هذا الذي هو حقاً شريك للملائكة فقلت له: وما هو اسمك يا أبي القديس فقال لي اسمي (أبامود القلاع) ولي في البرية تسعة وتسعون سنة وأعيش على هذا النخيل الذي يطرح لي التمر وأشكر المسيح وبعد أن باركني خرجت من عنده بفرح وسلام وسرت قليلاً وإذا بي أجد أني لا أستطيع أن أسير وبعد مضى الوقت فتحت عيني فوجدت نفسي ... أسير أمام مغارة في صخرة في جبل فتقدمت ناحية الباب وقرعت وقلت: أغابي وللوقت تكلم معي صوت من الداخل قائلاً حسناً أنك أتيت اليوم يا أنبا بموا قديس الله الذي استحق أن يكفن جسد القديسة إيلارية ابنة الملك زينون. فدخلت المغارة وأخذت أنظر إليه لمدة طويلة لأنه كان ذا هيبة ووقار. فكان إنسان منير جداً ونعمة الله في وجهه وعيناه مضيئتان جداً وهو متوسط القامة وذو لحية طويلة لم يتبقى فيها إلا شعيرات سوداء قليلة ويرتدي جلبابا بسيطاً وهو نحيف الجسم وذو صوت خفيف وفي يده عكاز.

ثم قال لي لقد أتيت اليوم وأحضرت معك الموت لأن لي اليوم زمن طويل في انتظارك أيها الحبيب ثم قلت له ما هو أسمك يا أبي القديس؟ فقال لي اسمي : كاراس ، قلت له : وكم من السنين لك في هذه البرية؟ قال: مند سبع وخمسين سنة لم أنظر في وجه إنسان وكنت أنتظرك بكل فرح واشتياق ثم مكثت عنده يوماً وفي نهاية اليوم مرض قديسنا الأنبا كاراس بحمى شديدة وكان يتنهد ويبكي ويقول الذي كنت أخاف منه. عمري كله جائني فيا رب إلى أين أهرب من وجهك ، كيف أختفي حقاً... ما أرهب تلك الساعة ... كرحمتك يا رب وليس كخطاياي.

ولما أشرقت شمس اليوم الثاني كان الأنبا كاراس راقداً لا يستطيع الحراك وإذ بنور عظيم يفوق نور الشمس يضئ على باب المغارة ثم دخل إنسان منير جداً يلبس ملابس بيضاء ناصعة كالشمس، وفي يده صليب مضئ. وكنت في ذلك الحين جالساً عند قدمي القديس كاراس.

وقد تملكني الخوف والدهشة وأما هذا الإنسان النوراني فقد تقدم نحو الأنبا كاراس ووضع الصليب على وجهه ثم تكلم معه كلاماً كثيراً وأعطاه السلام وخرج. فتقدمت إلى أبينا القديس         الأنبا كراس لأستفسر عن هذا الإنسان الذي له كل هذا المجد فقال لي بكل ابتهاج... هذا هو السيد المسيح وهذه هي عادته معي كل يوم يأتي إلي ليباركني ويتحدث معي ثم ينصرف فقلت له يا أبي القديس أني اشتهي أن يباركني رب المجد فقال لي: أنك قبل أن تخرج من هذا المكان سوف ترى الرب يسوع في مجده ويباركك ويتكلم معك أيضاً .. ولما بلغنا اليوم السابع من شهر أبيب وجدت الأنبا كاراس قد رفع عينيه إلى السماء وهي تنغمر بالدموع ويتنهد بشدة ، ثم قال لي: أن عموداً عظيماً قد سقط في صعيد مصر وخسرت الأرض قديساً لا يستحق العالم كله أن يكون موطئاً لقدميه. أنه القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وقد رأيت روحه صاعدة إلى علو السماء وسط ترتيل الملائكة وأسمع بكاءاً وعويلاً على أرض صعيد مصر كلها وقد اجتمع الرهبان حول جسد القديس المقدس يتباركون منه وهو يشع نوراً ولما سمعت هذا أحتفظت بتاريخ نياحة الأنبا شنودة في السابع من أبيب.

وفي اليوم الثامن من أبيب (15 يوليو) أشتد المرض على أبينا الأنبا كاراس وفي منتصف هذا اليوم ظهر نور شديد يملاْ المغارة ودخل إلينا مخلص العالم وأمامه رؤساء الملائكة ميخائيل وغبريال ولفيف من الملائكة ذو الستة أجنحة وأصوات التسابيح هنا وهناك مع رائحة بخور.

وكنت جالساً عند قدمي الأنبا كاراس فتقدم السيد المسيح له المجد وجلس عند رأس الأنبا كاراس الذي أمسك بيد مخلصنا اليمنى وقال له: من أجلي يا ربي والهي بارك عليه لأنه قد أتى من كورة بعيدة لأجل هذا اليوم فنظر رب المجد إلي، وقال : سلامي يكون معك يا بموا الذي رأيته وسمعته تقوله وتكتبه لأجل الانتفاع به. أما أنت يا حبيبي كاراس فكل إنسان يعرف سيرتك ويذكر اسمك على الأرض فيكون معه سلامي وأحسبه مع مجمع الشهداء والقديسين وكل إنسان يقدم خمراً أو قرباناً أو بخوراً أو زيتاً أو شمعاً تذكاراً لأسمك أنا أعوضه أضعافاً في ملكوت السموات وكل من شبع جائعاً أو يسقي عطشاناً أو يكسي عرياناً أو يأوي غريباً باسمك أنا أعوضه أضعافاً في ملكوتي ومن يكتب سيرتك المقدسة أكتب أسمه في سفر الحياة وكل من يعمل رحمة في يوم تذكارك أعطيه ما لم تراه عين وما لم تسمع به أذن وما لم يخطر على قلب بشر والآن يا حبيبي كاراس أريدك أن تسألني طلبة أصنعها لك قبل انتقالك.

فقال له الأنبا كاراس : يا ربي لقد كنت أتلو المزامير ليلاً ونهاراً وتمنيت أن أنظر داوود النبي وأنا في الجسد وفي لمح البصر جاء داوود وهو يمسك بيد قيثارته وينشد مزموره هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنفرح ونبتهج به. فقال الأنبا كاراس أنني أريد أن أسمع العشرة دفعة واحدة، والألحان والنغمات معاً فحرك داوود قيثارته وقال: كريم أمام الرب موت أحباؤه وبينما داوود يترنم بالمزامير وقيثارته وصوته الجميل وبينما القديس في ابتهاج عظيم إذا بنفس القديس تخرج من جسده المقدس إلى حضن مخلصنا الصالح الذي أخذها وقدمها وأعطاها لميخائيل رئيس الملائكة ، ثم ذهبت أنا بموا وقبلت جسد القديس كاراس وكفنته ، فأشار لي رب المجد بالخروج من المغارة فخرجت ثم خرج هو مع الملائكة بترتيل وتسابيح أمام نفس القديس وتركنا الجسد في المغارة ووضع رب المجد يده عليها فسارت كأن ليس  لها باب قط يفتح وصعد الكل إلى السماء بفرح. وبقيت أنا وحدي واقفاً في هذا الموضع حتى غاب عني هذا المنظر الجميل ثم أغلقت عيني من شدة النور والمنظر الجميل وعندما فتحت عيني وجدت نفسي أمام مغارة أبينا الأنبا أبامود القلاع فأقمت عنده ثلاثة أيام ثم تركته وذهبت إلى الأنبا سمعان القلاع ومكثت معه ثلاثة أيام أخرى ثم تركته ورجعت إلى جبل شهيت حيث كنيستي. وهناك قابلت الأخوة كلهم وقلت لهم سيرة القديس الطوباوي الأنبا كاراس السائح العظيم وكلام قديسنا الأنبا شنودة رئيس المتوحدين.

وبعد خمسة أيام جاءت  إلينا رسالة من صعيد مصر تقول أن القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين قد تنيح بسلام في نفس اليوم الذي رآه الأنبا كاراس.

 بركة السيدة العذراء أم النوروالقديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين والأنبا كاراس السائح تكون معنا ولربنا المجد الدائم إلى الأبد أمين.

 عن مخطوط

بدير السيدة العذراء والأنبا يحنس كاما

(السريان)

EL/13/08/2003

 

القديس القمص يسى ميخائيل – قديس كوم غريب ، طما

+ ولد الطفل يسى ميخائيل سنة 1877م.

+ عاش طفولته وشبابه مرتبطاً بالكنيسة مداوماً على التناول من الأسرار المقدسة قارئاً للكتاب المقدس محباً للتسابيح والألحان.

+ سافر إلى العمل بالقاهرة وكان مثالاً للشباب المسيحي في عمله عام 1902م.

+ قدم استقالته عام 1903م لعدم وجود الجو الروحي المناسب له.

+ سافر إلى القدس ليتبارك من القبر المقدس وكنيسة القيامة.

+ عاد إلى قريته كوم غريب ونال سر الزيجة عام 1905م وفي نفس السنة دعته العناية الإلهية لتوضع عليه اليد وينال سر الكهنوت المقدس ليخدم مذبح كنيسة الأنبا شنودة رئيس المتوحدين بكوم غريب.

+ خدم بمحبة وأمانة وأيضاً ببساطة وإتضاع لذلك جذب الكثيرين إلى حضن المسيح والكنيسة.

+ نال درجة القمصية على يد صاحب النيافة المتنيح الحبر الجليل الأنبا مرقس أسقف أبو تيج وطما وطهطا عام 1937م.

+ مر بتجارب متنوعة منها وفاة ابنه الوحيد وفقد زوجته لبصرها وتقبلها بشكر عجيب.

+ تنيح بسلام وهدوء يوم 10| 6|1962م وهو نفس يوم نياحة الأنبا ابرآم أسقف الفيوم والجيزة.

+ ظهرت من قبره أنواراً بعد أيام من نياحته ، وتمت معجزات كثيرة بواسطة الرمل العجيب الذي بجوار قبره.

+ ما زالت تجري معجزات كل يوم بلا توقف حتى اليوم.

 شفاعته تكون معنا – آمين

 

حقاً أن الله ممجد في قديسيه.. من خلال المعجزات الكثيرة القوية التي تتم بشفاعتهم، لانه يكرم الذين يكرمونه. وهو يتمجد اسمه كثيراً في قديسنا العجيب أبونا يسى ميخائيل. قديس كوم غريب. طما. وهو قديس عجيب في كل شيء . كما كان في حياته يعيش في عشرة حقيقية مع الله وفي انكار ذات. لذلك فاحت منه رائحة المسيح الذكية أيضاً بعد نياحته كرمه الله من خلال معجزات تمت وما زالت وستستمر بشفاعته بطريقة عجيبة ....معجزة حدثت مع سيدة تسلط عليها شيطان وتشفعت بالقديسين وتوجهت بثقة من خلال معرفتها بأبونا يسى وقدرته العجيبة في صنع أقوى المعجزات حيث كان سريعاً في استجابته لطلبها ، ورأته وهي بين النوم واليقظة حيث كانت مرة النفس بسبب تسلط الشيطان على جسدها وهو يمسك بيده حربة ويسحق الشيطان. بل ورأت الشيطان يخرج مدحوراً مرعوباً من قوة أبونا يسى لتفيق وتجد نفسها وهي حرة من تسلط الشيطان، لأن السيد المسيح أعطى أبونا يسى سلطانا أن يدوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو.

 مطرانية الأقباط الأرثوذكس بطما.

EL/11/8/2003

 

القديس آفافيني (أبو فانا) المتوحد

+ ولد القديس أبو فانا في ممفيس سنة 355 ميلادية من أبوين تقيين وبارين ، وكانا غنيين في النعمة والثروة فكانا يمتلكان أموالاً كثيرة، فقد نشأ في بيت شريف وأسرة تقية، فنشأ في حياة القداسة وصلابة الايمان ودفء الحياة المسيحية، مما كان له أعظم الأثر في حياته المبكرة فمنذ طفولته استقى الكتب المقدسة وتعاليم الكنيسة (2تي 3 :15) تعلم القديس حياة الصلاة والصوم والعطف على الفقراء فقد كان والداه يصنعان صدقات كثيرة، فأحب الرب ووصاياه منذ طفولته ، ولما بلغ سن الشباب لم يكن مثل أقرانه في القرية، إذ كان يقضي وقته في الصلاة والتسبيح وعاش حياة الطهارة وأحبها ، وكان بالحقيقة إناء نقياً مقدساً لسكنى الروح القدس فيه ، وكان طويل القامة هادئ الوجه وكانت نعمة الله حالة عليه ، وكان كل من يراه يحس بالراحة في نفسه ويدخل السلام إلى قلبه ، وكان يوماً بعد يوم ينمو في النعمة والقامة وتتزايد أشواقه بمحبة شديدة لطرق الرهبنة.

+ سطعت أنوار الكاملين في الصعيد فقد ازدهرت الحياة الرهبانية وتزايدت جماعات الرهبان والمتوحدين، وصارت كأشجار خضراء مثمرة أمتلأ بها بستان الرهبنة في مصر العليا، وانتشرت فضائلهم وتناقلتها الأخبار خاصة هوءلاء  النساك ويقتني الكنز المخفي، فكان يدرب ذاته أن يقتني كل فضيلة يسمع عنها أو يراها فيمن كان يزورهم من الآباء، وفي حياة جادة كان يجاهد في الفضائل ويجهد ذاته في عبادات شاقة، فتدرب على حياة السهر والصلاة وعلى تعب الجسد والنسك في الأصوام وحفظ المزامير، وكان في وقت راحته يعمل بيدية في ضفر الخوص وصنع الليف وكان يبيعه ويشتري بثمنه ما يحتاجه من ضرورات المعيشة ثم يتصدق بالباقي على المحتاجين الذين كانوا دائماً يقصدونه لسد أعوازهم.

فقد كان القديس يحمل في داخله قلباً عطوفاً رقيقاً يسرع لكي يغيث المتضايقين ويحمل الملابس لمن يحتاج إليها ويطعم كل فم جائع، وكان يداوم على زيارة المرضى، وافتقاد المحبوسين في السجون ويسرع لكي يسد احتياجاتهم.

والقديس أبو فانا عاش في النصف الثاني من القرن الرابع، ولو افترضنا أن حياته استمرت بين عامي (355 – 415م) فيكون بذلك قد عاصر الأنبا شنودة رئيس المتوحدين وعظماء القديسين والمرشدين الأوائل في رهبنة الصعيد، ومما لا شك فيه أن القديس أبو فانا قد تأثر بهؤلاء القادة وأسس جماعته الرهبانية على منوالهم، فتأثر بحياة الشركة التي وضعها القديس باخوميوس ، كما تأثر بطريقة الأنبا شنودة في الاهتمام بالارشاد وضرورة التعليم للجماعة الرهبانية التي جمعت حوله، ويذكر التاريخ أن دير القديس أبو فانا قد ضم إليه أكثر من 1000 راهب وكان من أوائل الاديرة في الصعيد، وعاش أولئك الرهبان في ما يعرف بنظام المنشوبيات وهو نظام يجمع بين حياتي الشركة والوحدة في آن واحد، فكان كل جماعة من الرهبان من حرفة واحدة أو من قرية واحد يسكنون في منشوبية، والمنشوبية عبارة عن عدة قلالي متجاورة كل راهب يسكن منفرداً في واحدة منها .

+ تزايدت أشواق أبو فانا لحياة الوحدة والانفراد في البرية بعيداً عن ضجيج العالم وأهوائه ليلتصق بالمسيح الذي أحبته نفسه، وبعد أن كان قد تردد لسنوات كثيرة يتعلم ويتدرب على يد ساكني الجبل من الرهبان والمتوحدين وتتلمذ على يد الشيوخ والمرشدين ، وقد نما الغرس الحسن واشتد عوده ، وحان الزمان أن ينقل من حياته وسط الناس إلى الأرض الخصبة ليأتي بثمر أكثر، فعزم على أن يترك مسكنه فوزع ما كان يمتلكه وقصد الجبل ليحيا وسط هؤلاء النساك ليشاركهم في حياتهم الخشنة عزوفاً عن كل تعزية أو صدااقة بشرية، لكنهم مملؤون من التعزيات الروحية والفرح السمائي والسلام الذي يفوق كل عقل ، فقد أحب حياتهم ووضع في قلبه أن يتشبه بجهادهم وزهدهم، وسرعان ما أحضر الميراث الوفير لعائلته المرموقة من ممفيس ووزعه على الفقراء حينما ترك ممفيس إلى هيروموبوليس.

+ في سنوات شبابه لم يكن القديس يمتلك شيئاً لنفسه إذ تدرب على حياة التقشف والزهد، وبعد أن وزع أمواله على الفقراء كان عظماء تلك الجهات القريبة يأتون إليه وهم يخضعون له في مهابة عظيمة ، وجاء إليه كثيرون وقدموا إليه أموالاً كثيرة أما هو فلم يأخدها منهم ولكن حينما ألحو عليه أن يقوم بتوزيعها على الفقراء كان يسير في المدن والقرى وقد تطول فترة تجوله إلى عشرة أيام وهذه كان يقضيها القديس في صوم انقطاعي دون طعام أو شراب.

 + النفس التي امتلأت بمحبة المسيح وفاضت فيها تلك المحبة تحس أن السيد المسيح هو الذي يرجع إليه الفضل إذ هو الذي أحبها وسكب هذه المحبة فيها، هذه النار التي قال عنها "جئت لألقي ناراً على الأرض، ماذا أريد لو اضطرمت" (لو 12 : 49) ، وحينما تشتعل هذه المحبة في النفس تندفع بإخلاص وحب شديد، تجلس تحت أقدام من أحبها وتقدم له أغلى ما تملكه حتى لو هاجمها الآخرون وسخروا منها واتهموها بالإتلاف (مت 26 : 8).

ليس أمام هذه النفس إلا شيء واحد هو التعبير عن محبتها للمسيح مشتاقة أن تصير كلها ملكاً له بعيداً عن الناس وعن كل شيْ في العالم. هكذا كانت الأشواق المتزايد في قلب أبو فانا في الجبل تاركاً خلف ظهره العالم واضعاً أمجاده وشهواته تحت قدميه.

وفي الجبل الغربي خارج قرية أبو صير (بالقرب من قصر هور في الأشمونين) وجد مغارة مظلمة لا يدخلها نور النهار ففرح بها وكأنه وجد ضالته المنشودة (المغارة مازالت قائمة إلى اليوم وهي تبعد 80 متراً يمين مباني الدير وهي مختبئة تحت الأرض ولم تكشف بعد)، ولم يكن الماء متوافراً في المكان ، وكان الرهبان يقطعون مسافات طويلة ليحصلوا على الماء من بعض الآبار المتناثرة.

لكن القديس أبو فانا حينما سكن المغارة وقد وضع رجاءه على الله الذي أحبه من كل قلبه مشتاقاً أن يعبده ويلتصق به في هذا المكان بعيداً عن العالم، حدثت أعجوبة عظيمة إذ أنبع الله ينبوع ماء عذب عند مدخل مغارته. وكم كانت دهشة القديس لهذه المعجزة العظيمة، وامتلأت نفسه بتعزية كثيرة بسبب تلك العناية الإلهية. وهذه العلامة التي صارت من السماء والتي اطمأنت لها نفسه في أن الله أراد له أن يقيم في هذا المكان، فسكن القديس المغارة كل سنوات جهاده.

+ في الوحدة المقدسة بالمغارة حالكة الظلام حيث انفرد القديس أبو فانا وكان يبلغ من العمر 22 عاماً ، سلك طريق الجهاد الروحي الذي كان قد تدرب عليه قبل أن يجيء إلى الجبل، وكان كل يوم يزداد في جهاده حتى أضنى جسده بالصوم الكثير، فكان يحدد لنفسه مقدار ما يأكل كل يوم من الخبز، وتدرب أن ينقص منه بالتدريج حتى صار مقدار ما يأكله كل يوم يسيراً جداً، ما كان فقط ضرورياً لقوت الجسد ومن شدة نسكه أنه لم يذق طعاماً مطهياً ، فما من مرة احتفظ لنفسه بطعام مطهي أحضره له إنسان، كما تدرج في صوم الانقطاع حتى صار يصوم في الشتاء يومين يومين وفي الصيف كان يتناول القليل من الخبز والماء والبلح الجاف عشية كل يوم، وكان يصوم الأربعين المقدسة طياً بكاملها عدا الثلاثة الأيام الأخيرة فكان يأكل فيها شيئاً يسيراً.

وذات مرة سأله تلميذه افرآم عن سبب افطاره الثلاثة أيام فأجاب القديس باتضاع عظيمم: إن السيد المسيح صام أربعين يوماً ولم يكن في حاجة إلى الصوم، هؤلاء الذين صاموا على مثال السيد المسيح ، وأكملوا أربعين يوماً كانوا قديسين كاملين ، لكن من أنا المسكين حتى اتساوى مع الذين اختارهم المخلص كموسى وايليا، وأنا يا ابني انسان ضعيف، وهكذا كان القديس أبو فانا يحب الاتضاع ويكره الافتخار ويهرب من الكبرياء.

وكان قانونه ثلثمائة مطانية أثناء الليل ومثلها في النهار، وأحب حياة السهر فكان يقضي الليل كله في الصلاة وإذا غلبه نعاس النوم كان يرقد على الأرض الخشنة ، ولم يكف القديس عن تزايده في التعب حتى أنه كان دائم الوقوف على رجليه في المغارة، وعندما كان يتناول الطعام كان يتناوله وهو واقف على رجليه حتى تورمت رجلاه من كثرة الوقوف ولصق جلده بعظمه من شدة النسك وصار مثل خشبة محروقة، ومع ذلك لم يخفف من كثرة أتعابه.

وظل مداوماً في الجهاد والنسك حتى صار جسده محنياً ومقوس الظهر، ولم يعد يمكنه أن يرقد ممدداً جسده على الأرض، فكان كلما غلبه النعاس ينام وهو يستند متكئاً بصدره على جدار مقام له خصيصاً وبنى لهذا الغرض، وبالتأكيد كان نوم غير مريح، فكان يغمض عينيه ويميل برأسه مستنداً على الحائط وظلت هذه طريقة نومه ، وهكذا قضى ثمانية عشر سنة حتى يوم نياحته، وبسب هذا العيب الجسدي سمى القديس بالنخلة بسب تقوس ظهره من النسك الشديد الذي كان يمارسه في حياته.

+ أراد الله أن يخرج النور من المغارة المظلمة فأخذ السراج المخفي فيها ووضعه مرتفعاً ليضيء ليس لجيله فقط بل ليظل مضيئاً عبر أجيال كثيرة بعده، فقد فاحت رائحة قداسة رجل الله وانتشر أريجها فجذبت إليه الكثيرين من الشبان محبي الطهارة  والتسبيح ، وأشرقت من المغارة أنوار صلاته لأولاده فأتوا بأعداد كثيرة يستضيئون بتعاليمه ويحيون بدفء محبته ومتمثلين باتضاعه ووداعته.

فكانت روحانية القديس لها أعمق الأثر في نفوس أولاده، وكانت دموعه التي سكبها غزيرة أثناء صلاته تروي تلك الغروس من تلاميذه الجدد وأولاده الروحيين الذين التصقوا به ,ارادوا التشبه بحياته.... ولم تمر سوى سنوات قليلة حتى تكاثر أولاده جداً، لأن كل من كان يأتي إليه يحبه من أجل محبته واتضاعه، وكانت قداسته الفائقة تخترق أعماق نفوسهم وتشعل فيها الأشواق للحياة الرهبانية، وعندما اجتمع حوله المئات من الرهبان ابتدأ ينظم لهم حياة جهادهم في الصوم والصلاة وشغل اليدين ، وكان لا يفتر عن تعليمهم وارشادهم وتشجيعهم على تلك الحياة الملائكية ويدربهم على سكنى القلاية ومحبة الوحدة والصلوات الكثيرة سواء في وحدتهم أو في حياة الشركة مع الأخوة وكان كلما وجد منهم من يتقدم في النعمة يلبسه إسكيم الرهبنة المقدس، وكان تلميذه افرآم يلازمه دائماً، وكبرت شجرة القديس وكثرت ثمارها فقد امتلأ الجبل بالرهبان القديسين حتى صار أشبه بخلية نحل تعمل في صمت ونظام هادئ فامتلأت المغارات بشهد من عسل صلاتهم وطهارتهم ، أو أشبه ببرج حمام تنطلق منه أصوات هدير الحمام هكذا كانت أصوات التسبيح تنطلق من تلك القلالى (المنشوبيات).

+ نياحته وجسده الطاهر: بعد سنوات مملوءة بالجهاد، وحياة مزدهرة بالثمر المتكاثر تزايد شدة المرض على الجسد الضعيف حتى أصبح ملازماً للفراش.... وفي صبيحة يوم السبت 25 أمشير، وقبل أن يشرق نور الشمس أتاه المسيح يدعوه ليختم جهاده وينتقل من هذا العالم، فوقف قائماً ودعا أولاده وأخبرهم بأن المسيح يدعوه إليه وأعلن لهم أن الله أراد أن يريحه وأشار بإقامة القداس الإلهي، وبسرعة تطايرت الأخبار وانتشرت في الجبل وهرعت جماعات كبيرة من الرهبان والشيوخ، وبعد صلاة القداس تقرب القديس من الأسرار المقدسة، وبالرغم من ضعفه وشيخوخته كان واقفاً على قدميه ولم يجلس قط، وودعه الرهبان وتقدم حوله أولاده وتتباركوا منه وفي تواضع طلب منهم القديس أبو فانا أن يباركوا هم عليه، وودعوه ببكاء وتباركوا منه وبعد أن رفع القديس قلبه في صلاته الأخيرة أمال رأسه إلى جانب المكان الذي كان ينام فيه وأسلم روحه بيد الرب القدوس لتصعد وسط جوقة من الملائكة وأرواح القديسين وللوقت فاحت من جسده المقدس رائحة طيب زكية ملأت المكان، فقام الأخوة وكفنوه ودفنوا جسده الكريم بإكرام عظيم، وكان الجميع يأتون إلى مكانه وأظهر الرب من جسده الطاهر آيات كثيرة وعظيمة.

 من معجزات القديس : انقاذ الشعب من المجاعة.... كان قساً يلازم أبينا أبو فانا ليقدس عنده ويتناول من يده الأسرار الإلهية المقدسة جاء إليه يوماً وهو باك وجع القلب وعندما فرغ من صلاة التقديس وجلس مع الأخوة قال له القس: يا أبانا إن القحط قد وقع بكثرة  وتتضور الناس في الشوارع من كثرة الجوع، فصلى القديس أبو فانا حتى يرحم الله خليقته وينقذها من المجاعة. ... فأرسل الرب إليه الملاك ميخائيل ولما رآه جزع منه فقال له الملاك "يا فانا، يا فانا، يا فانا، لا تجزع ولا يخف قلبك فان الرب أرسلني إليك "فأجاب أبو فانا الملاك" ها أنا ذا".

وقال له الملاك: "انطلق إلى مدينة (أسيوط) وعلى سائر أهلها، فإن الرب يعرف كيف يعول سائر العالم ويدبر أمر خليقته. فقال أبو فانا من أين لي أنا المسكين الحقير ما يقوم بأهل المدينة وأنا لا أقدر أن أعول رجل واحد خاصة في هذه الأيام المجدبة والقحط، اغفر لي يا سيدي. فقال له الملاك "إذ لم تقدر أن تعول نفساً واحدة ولا نفسك أيضاً، لكن الله يعول خليقته حتى ولو كانت كرمل البحر وهو سمح بالمجاعة لتأديبهم ولمنفعتهم" وحينما دخل القديس إلى المدينة ورفع يديه بالصلاة انقشعت ظلمة المجاعه عنها.

 مطرانية ملوى وأنصنا والأشمونين

EL/10/8/2003

 

القديس زوسيما

+ ولد هذا القديس في أواسط الجيل الرابع للميلاد من أبوين مسيحيين قديسين من أهل فلسطين. وفي السنة الخامسة من عمره سلماه لراهب شيخ قديس، فرباه تربية مسيحية وعلمه العلوم الدينية. وبعد قليل ، رسموه شماساً، وصار راهباً تقياً، فنما في الفضيلة نمواً زائداً.

  + وكان ملازماً للتسبيح والقراءة نهاراً وليلاً، وفي وقت العمل أيضا. ولما أكمل خمساً وثلاثين سنة في الدير، رسموه قساً، فتزايد في نسكه وزهده وجهاده. وبعد أن قضى كذلك ثلاث عشرة سنة، زرع العدو في فكره أنه قد أصبح يفوق كل أهل زمانه في التقوى والفضيلة. ولكن الرب شاء أن يرده عن هذا الظن، فأرسل إليه ملاكاً أمره بالانتقال إلى الدير القريب من الأردن، فقام ومضى إليه، فوجد فيه شيوخاً قديسين أكمل منه في سيرتهم. فتبين له عندئذ أنه كان بعيداً عما ظنه في نفسه فأقام عندهم. وكان من عادة هؤلاء الشيوخ، أنهم في أيام الصوم الكبير بعدما يصومون الأسبوع الأول منه، يتقربون من الأسرار المقدسة، ثم يخرجون من الدير وهم يتلون المزمور السادس والعشرين، وعند نهايته يصلون، وبعد أن يبارك عليهم الرئيس يودعون بعضهم بعضاً، ويتفرقون في براري الأردن، يجاهد كل منهم على حدة. فصار القديس زوسيما يخرج معهم كل عام ويجول في البرية سائلاً الله أن يريه من هو أكمل منه ، فوجد في بعض جولاته القديسة مريم القبطية. واستعلم منها عن سيرتها وسبب تجولها. وطلبت منه التقرب من الأسرار الإلهية، فأتاها بها في العام المقبل وقربها. ثم افتقدها في العام التالي، فوجدها قد تنيحت فواراها التراب، وقص سيرتها على رهبان الدير، وبعد أن عاش تسعاً وتسعين سنة، تنيح بسلام  (التاسع من شهر برموده المبارك).

 صلاته تكون معنا. ولربنا المجد دائماً. آمين.

  +++ السنكسار

  EL|17.08.2003

 

القديسة فيرنا

+ نشأت هذه القديسة في منطقة طيبة (الأقصر) من أسرة مسيحية عريقة وسلمتها الأسرة إلى الأسقف شيريمون أسقف منطقة بني سويف الذي علمها وعمدها.

+ توجهت القديسة فيرينا مع الكتيبة الطبية إلى سويسرا حيث كان من المعتاد في الجيش الروماني أن يصاحب الجنود أقرباؤهم لرعايتهم والاهتمام بالجرحى والمصابين.

+ بعد استشهاد القديس موريس والكتيبة الطيبية عاشت حياة الوحدة والنسك فكانت تصوم وتصلي وقد أجرى الله على يديها العديد من المعجزات.

+ اهتمت القديسة اهتماماً خاصاً بالفتيات فكانت ترعاهن روحياً وصحياً وتعلمهن مبادئ الايمان ومبادئ الصحة العامة بحكم خبرتها كممرضة ونتيجة لهذه الشهرة ألقى الوالي القبض عليها ووضعها في السجن حيث ظهر لها القديس موريس ليعزيها ويقويها.

+ بعد خروجها من السجن هربت من الشهرة وتنقلت في مناطق عديدة وكان الله يجري على يديها العديد من معجزات الشفاء وآمن بسببها الكثيرون.

+  اهتمت القديسة بخدمة الفقراء فكانت تقدم لهم الطعام وخدمة المرضى خاصة مرضى الجزام فكانت تغسل قروحهم وتدهنها بالمراهم غير خائفة من العدوى.

+ وعند نياحتها ظهرت لها السيدة العذراء لتعزيها وتقويها. ويوافق يوم نياحتها اليوم الرابع من شهر توت المبارك.

+ في عام 1986 أحضر وفد من كنيسة القديسة فيرينا بزيورخ بسويسرا جزء من رفات القديسة فيرينا لمصر.

+ في عام 1989 بدأت خدمة أسرة القديسة فيرينا بأسقفية الخدمات العامة لخدمة الأحياء الشعبية خدمة متكاملة روحياً واجتماعياً وصحياً.

في 22 فبراير 1994 قام قداسة البابا شنودة الثالث بتدشين كنيسة موريس والقديسة فيرينا بمبنى أسقفية الخدمات بالأنبا رويس.

 بركة صلواتها وطلباتها فلتكن معنا إلى الأبد آمين.

 إصدار أسقفية الخدمات العامة

 EL/Aug.  2003

 

القديسة مريم الإسرائيلية

 +لم تكن هذه القديسة تعرف السيد المسيح، وكانت رديئة السيرة، ولما أرادت التوبة والرجوع إلى السيرة الصالحة، أرسل لها الرب رجلاً قديساً  قام بوعظها، وعرفها طريق الخلاص بالإيمان بالسيد المسيح ، وقال لها" إن النفس لا بد أن تعطى جواباً عن جميع أعمالها في يوم القيامة، وأنها بعد الموت وفراق هذا العالم، ستحاسب عما فعلت. فقالت له: ما هو الدليل على قولك هذا الذي لم تذكره التوراة التي أعطاها الله لموسى النبي، كما لم يقل بهذا أبائي، فاثبت لي صحة قولك بالبراهين الشرعية والعقلية ، فأثبت لها ما طلبت.

 +ولما ثبتت أقواله في عقلها قالت: إن تبت عن أعمالي النجسة، فهل يقبلني الله؟ فأجابها: إن آمنت بأن المسيح جاء إلى العالم لخلاص البشر، وسلكت سبيل التوبة، يقبلك الله. فأمنت وتابت. ثم لما بلغ خبرها للوالي، أحضرها أمامه ، فأصرت على مسيحيتها، فأمر بقطع رأسها بحد السيف. ونالت إكليل الشهادة (السابع من شهر برمهات المبارك).

 شفاعتها تكون معنا ، ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.

+++

السنكسار

 EL|17.08.2003

 

 
إن الأنبا ببنودة بعد أن تقابل مع الأنبا نفر السائح، وكفن جسده، التقى بآباء سواح آخرين فقال:
 
بعد أن كفنت جسد القديس أبا نفر السائح مشيت أيضاً أربعة أيام بلياليها بعد ذلك رأيت مغارة أخرى على الجبل، قرعت الباب فلم يرد أحد، فلما جلست عندها حوالي ساعة فكرت في قلبي وقلت لعل الذي كان في هذه المغارة قد تنيح..فلما فكرت في هذا  إذ بالقديس صاحب المغارة قد أقبل، وهو حسن المنظر ذو لحية طويلة ويلبس ثوباً من ليف النخل، فلما أبصرني قال لي أنت الأخ ببنودة الذي وارى جسد القديس أبا نفر السائح.. أما أنا فخررت للأرض أمامه.. قأقامني وقال لي قم يا أخي الحبيب لأن الرب أعلمني انك ستأتي إلي في هذا اليوم وكنت منتظراً  رؤياك ولي اليوم ستون سنة لم أرى فيها وجه انسان ههنا، إلا الآباء السكان معي في هذا الجبل. وبينما أتكلم معه إذ بثلاثة أباء قد أتوا إلي وقالوا لي أيضاً أنت الأخ ببنودة صاحبنا في العمل، لأن الرب أعلمنا انك ستأتي إلينا في هذا اليوم، ولنا ستون عاماً لم ننظر فيها إنساناً ههنا سواك أنت.. وبعد تمام كلامهم رأيت خمسة خبزات ناضجة، وكأنها خرجت للوقت من التنور فصلينا، ثم جلسنا نأكل معاً.. وقالوا لي أننا طيلة هذه السنوات تأتي إلينا أربع خبزات فقط من عند الرب كل يوم ، والآن لما جئت إلينا أحضر الرب نصيبك أيضاً.. ولما فرغنا من الطعام أقمنا الليلة كلها في الصلاة إلى باكر وكانت ليلة يوم الأحد.. ثم سألتهم لكي أمكث معهم حتى نهاية عمري فأجابوا أن هذا الأمر ليس معداً لك من قبل الرب، ولتمض إلى أرض مصر وتتكلم بما نظرته عيناك فيكون ربحاً للسامعين.. وسألتهم أن يعرفوني أسمائهم فلم يريدوا ذلك ، بل قالوا لي أن الذي يسمى كل واحد بأسمه هو الذي يعرف اسماءنا فاذكرنا يا أخانا إلى أن ننظرك في ملكوت السموات، ولا تدع العالم يغلبك لانه قد أضل كثيرين ، ولما فرغوا من كلامهم هذا باركوا علي، وأعلموني عما حدث معي في الطريق وما سيحدث لي، وفارقتهم بسلام.
ثم أقمت ماشياً عدة أيام فرأيت ينبوع ماء وشجراً ونخلاً كثيراً جلست عنده لأستريح، وكنت أتأمل تلك الأشجار وأتعجب من ثمارها متفكراً ترى من زرع هذه الأشجار ههنا؟ وكانت ذو أنواع كثيرة، وثمارها حلوة كالشهد.. وفي وسطها شجرة تفوح طيباً كالمسك ، وينبوع الماء يفيض فيروي الجميع.. فقلت بالحقيقة أنه فردوس الله.. وبينما أنا جالس إذ بأربعة رجال صغار أقبلوا من بعيد بمنظر حسن ويلبسون جلوداً.. فاقتربوا مني وقالوا أنت الأخ ببنوده، وللوقت خررت ساجداً فأقاموني وسلموا علي وصلينا جميعاً ثم جلسنا نتحدث معاً بعظائم الله... لقد فرح قلبي بهم ، وقبلوني بفرح عظيم ثم سألتهم متى أتيتم إلى ههنا، وكيف، ومن أرشدكم إلى هذا المكان؟...
فقالوا نحن من مدينة البهنسا وكنا عند معلم واحد، فلما أكملنا تعليمنا قلنا نحن الأربعة معاً لأنه كما تعلمنا حكمة هذا العالم الفاني يجب علينا أن نتعلم حكمة العالم الباق، وكنا كل يوم نفكر في هذا الفكر الصالح الذي يعمل في الإنسان الجواني.. فقمنا جميعاً ولأتينا إلى البرية، وكان معنا قليلاً من الخبز والماء، .. وبعد أيام أبصرنا إنساناً منيراً جداً قائماً أمامنا فأخذ بأيدينا، وأتى بنا إلى هذا المكان الذي نحن به منذ سنين كثيرة... ولما جئنا إلى هنا وجدنا رجلاً قديساً عظيماً قد سلمنا الملاك إليه فأقمنا لديه سنة كاملة علمنا خلالها عبادة الله واتمام وصاياه.. وعند كمال السنة  تنيح ذلك الشيخ الطوباوي فحضرنا بمفردنا في هذا المكان ولا نأكل سوى ثمار هذه الأشجار، وفي نهاية كل أسبوع نجتمع معاً ونصل معاً.. ثم قال الأنبا ببنودة لقد أقمت عندهم إلى اليوم السابع، وعندما سألتهم عن أسمائهم قال الأول اسمي يوحنا والثاني اندراوس أم الاثينين الآخرين فلم يخبراني عن اسمهما، ثم ودعوني وساروا معي نحو ستة أميال، وفارقوني بعد أن أخذت بركتهم ، ومضيت متوجع القلب لأجل فراقهم... وأقمت سائراً عدة أيام إلى أن وصلت إلى الدير فأخبرت الأخوة محبي الإله بسيرة أبا نفر السائح والآباء السواح الذين تقابلت معهم ... بركة صلواتهم تكون معنا جميعاً.
ولإلهنا ينبغي المجد والاكرام والسجود إلى دهر الداهرين آمين.
 
الآباء السواح، للقمص سمعان السرياني
EL|07.09.2003

 

 
أنه من أباء طور سينا، ومن أبناء القديس سلوانس بجبل سيناء، قد تدبر بالتدبير النسكي الذي لإيليا النبي..
كان في مغارته التي تبعد عن الدير بضعة كيلومترات.. كان يسلك بنسك شديد، ومشهوداً له بالقداسة والفضيلة.. قضى في تلك المغارة أربع وخمسون عاماً حتى أنه ارتفع في السيرة الروحانية..  كان يحضر قداسات الدير دون أن يراه أحد ما مثلما يسلك الآباء السواح..
وفي أحد الليالي جاء إليه أخ ليسأله أسئلة تخص حياته الروحية ويتبارك منه، فوجد مغارته مغلقة وطاقتها التي لا يزيد ارتفاعها عن متر واحد يخرج منها شعاعاً من النور الذي يملأ المغارة، فاندهش لذلك، وظل واقفاً عند الباب ثلاث ساعات، ولما أنهى القديس صلواته التي كانت مثل عمود نور يتصل بالسماء، قرع الباب فلما فتح القديس لم يستطع أن يحدق في وجهه من شدة النور الخارج من وجهه مثل شعاع الشمس.
كان القديس قد علم  بقوة الروح الساكن فيه، إن ذلك الأخ شاهد النور أضاء أثناء صلواته. وعندما سأله هل رأيت شيئاً غريباً يا ابني. إنك بالحقيقة قد رأيت شيئاً ولم تخبرني.. فلما ألح عليه أجاب الأخ قائلاًً : ان الرب يسوع المسيح هو الذي يمجد قديسيه.. فعلم أن الرب قد كشف للأخ ذلك.. ثم جلس معه وكلمه كلاماً روحياً، وبعد أن انصرف استدعى تلميذه قائلاً له:
يا ابني أني سوف أعتزل عن البشر لأجل تمجيد الناس واكرامهم لي إذ ينبغي أن مجد الرب هو الذي يضئ فهو وحده الممجد وليس غيره، أما نحن البشر فأننا خطاة وضعفاء..
لكن اطمئن فسوف أحضر معكم الصلوات والبعض سيراني ولن آتي إلى هذا المكان ثانية إلا وقت نياحتي.
ولما سأله أين أنت ماض يا أبي أجابه: الرب يعلم يا ابني ثم قبله وودعه وسار في البرية إلى أن جاء إلى مغارة بعيدة لا يعرفها أحد ما.. وعاش فيها بصلوات لا تنقطع ليلاً ونهاراً مسبحاً الرب يسوع المسيح كل حين وكان يقتات ببعض حشائش البرية وماؤها..
وبعد سبع سنوات أتى القديس إلى قلاية تلميذه وقرع بابها، فلما رآه اندهش ورشم علامة الصليب المقدس. فقال القديس حسناً فعلت يا ابني لأن الشياطين تظهر بأشكال متنوعة كثيرة وقد
يظهرون بشكل قديسين..
بعد ذلك قال له أنا هو أبوك إيليا، وعندما سأله عن سبب اختفائه تلك الفترة أجابه : قلت لك يا ابني أني لا أقبل مديح الناس..
وعندما سأله أيضاً أين كنت مقيماً أجابه كنت في مغارة بعيدة لا يعرفها أحد ما في داخل البرية، وكنت أحضر قداسات الدير ولكن ليس الكل كان يراني.. وكنت أتناول من الأسرار المقدسة فقال تلميذه : أني لم أراك يا أبي ، أجابه هذه مشيئة الله.. وقد حضرت الآن إليك لأني سأنطلق إلى الحياة الدائمة وأترك  هذا الجسد فصلى علي قليلاً ، وادفن جسدي في هذه المغارة التي مارست فيها نسكياتي الكثيرة..
ثم قبل تلميذه، وصلى وأفرد جسمه وأسلم الروح ، فبكى تلميذه كثيراً ومضى, أخبر رئيس الدير بنياحته فحضر ومعه أباء الدير وصلوا عليه ثم حفروا قبراً في مغارته، ودفنوه باكرام جزيل.
وسبحوا الله الممجد في قديسيه..
الذي له المجد والاكرام والسجود كل حين الآن وكل أوان وإلى دهر الداهرين أمين.
الآباء السواح \ للقمص سمعان السرياني
EL/24.08.2003

 

قال الأنبا اسحق رئيس دير القلمون:
 
كان من بين سكان هذا الدير قديس اسمه "غاليون" قد نشأ في احدى قرى الصعيد، وظهرت على يديه عجائب كثيرة حتى أنه كان يشفى المرضى.
كان لا يفتر عن الصلاة ليلاً ونهاراً، وكان يأكل مرة كل اسبوع كما أنه كان قارئاً للدير ذا صوت عظيم خبيراً بقراءة الكتب.. سالكاً في جميع الفضائل..
دخل الدير شاباً وإلى أن صار شيخاً لم يخرج منه ، ولم يكن يلتقي بأحد من الآباء وقت الصلوات.
نصب له الشيطان فخاً إذ  أتى إليه ليلاً عندما خرج إلى البيعة في منتصف الليل وقال له: يا أخي غاليون لقد كنا اثنى عشر نسبح في هذه البرية، واليوم مات واحد منا ولا نقدر أن ننقص عددنا عن هذا فأنت تكون كمال العدد لأنك ناسك عابد، محب للأخوة زاهد في هذا العالم، غير راغب في شيْ منه البتة. وأنت مستحق أن تكون معنا..  ثم توارى عنه .
فداخله الفكر وظن أن الله أرسل له هذا الملاك، وكان في تلك الليلة مبتهلاً.. وبعد انتهاء صلاة نصف الليل أخذ عصاه، وخرج من باب الدير دون أن يشعر به أحد، فوجد احدى عشر رجلاً في زي رهبان، مضوا أمامه بعد السلام عليه وكان يتبعهم إلى منتصف النهار فإذا هم على جبل عال مشرف على أرض الواحات  قفر ليس به طعام ولا ماء ولا أحد البتة، فجلسوا وكانوا يضحكون ويهزئون بعضهم مع بعض فرحين قائلين: لقد صدنا في هذه الليلة صيداً حسناً.
ثم قال القديس غاليون: تفكرت في أمري وقلت أنهم شياطين وليسوا قديسين، ثم رشمت علامة الصليب المقدس على وجهي، بعدها لم أجد أحداً منهم، بقيت بعد ذلك على الجبل لا أعرف إلى أين أذهب وكيف أنجو من تلك التجربة.. ففتحت فمي وسبحت المزمور السابع عشر "أحبك يا رب قوتي. الرب ثباتي وملجأي" ثم كررت هذا المزمور ثلاثة مرات ، فسكن روعي وثبت قلبي، والتفت فلم أجد أحداً. فسبحت أيضاً المزمور السادس "يا رب لا بغضبك تبكتني. ولا برجزك تؤدبني . ارحمني يا رب فأني ضعيف أشفني يا رب فأن عظامي وهنت ونفسي جزعت جداً..".
ثم رفعت يدي نحو السماء مصلياً "اللهم التفت إلى معونتي يا رب أسرع وأعني.."
ثم المزمور "يستجيب لك في يوم شدتك ينصرك اسم إله يعقوب يرسل لك عوناً من قدسه" ، "رفعت عيني إلى الجبال من حيث يأتي عوني معونتي من عند الرب الذي صنع السماء والأرض لا يسلم رجلك للذلل فيما ينعس حافظك.."
ثم التفت خلفي فسمعت صوتاً ورأيت ثلاثة رهبان يلبسون ملابس بيضاء ويقرءون من المزمور السابع والتسعين "سبحوا الرب تسبيحاً جديداً لأن الرب صنع عجائب.." وكانت أصواتهم مثل أصوات الملائكة، وكنت أعرف اللحن الذي يرتلون به فرتلت معهم..وكنت حذراً من الشيطان لئلا يكون قد أرسل جنده ليهلكوني فتفكرت وقلت أنه لا يمكن للشيطان أن يسبح بمزامير داود النبي..
وبينما أنا متفكر بهذا إذ هؤلاء القوم قد اقتربوا مني وهم يرتلون بألحان حسنة فجاوبتهم بمثل تلك الألحان، ومكثنا تلك الليلة نرتل من مزامير داود النبي إذ كانوا كلما رتلوا مزموراً رتلت أنا أيضاً معهم، وحتى الصباح لم يسألوني عن أمري شيئاً، وأنا أيضاً لم أسألهم عن شيء..
ثم جلسنا جميعاً فسألتهم وإذ هم رهبان من دير القديس أنبا شنوده وهو يسبحون في الجبل،  وقالوا لي لسنا نريد أن تعرفنا أحوالك، فلقد عرفنا بالروح فخاخ العدو، وحيله التي أراد أن يطرحك فيها ، فاشكر الله ولنشكره جميعاً لأنه لم يطرح تواضع المتواضعين، ولم يغفل عنهم، وقد وجدنا عند سفح ذلك الجبل عين ماء عذب فيه سمك يشبه الطير فكنا نصيد منه، ونجعله أياماً في الشمس ثم نأكل منه.
ثم أقام القديس غاليون معهم سنة عند سفح ذلك الجبل. وفي احدى الليالي قال أحد هؤلاء الثلاثة "يا غاليون أن أباك اسحق سأل الله أن يراك قبل نياحتك، فقم أسرع وأمض إليه".
فأجبت أني لا أعرف الطريق.. فأخذوا بيدي وقالوا اتبعنا فتبعتهم.. وقبل الصباح أبصرت نفسي واقفاً على باب ديري الذي كنت فيه، ثم ودعوني وساروا إلى دير القديس الأنبا شنوده.
أما أنا فدخلت الدير ووجدت أبي القديس اسحق واقفاً ينتظرني فلما رآني فرح وقال يا غاليون أين كنت يا ابني؟
فسردت له خبري جميعه.. وقال الأنبا اسحق: أني أخبركم بما رأيته من جهة هذا الأبن غاليون.
أنه لما كان في غيبته في البرية دعوت الله أن يطلعنا على أمره لأنني لم أكن قد عرفت ما حدث له.. فرأيت في منامي من يقول لي: "اليوم تنظره في الجسد وفي اليوم السابع ينتقل من هذا العالم الباطل إلى عالم البقاء فتيقظ وأحرص على حفظ ذلك الموعد الذي سمعته؟ 
ولم يكن في الدير قارئ مثله ولا من يحفظ الألحان والمزامير مثله فبكيت عليه،.. وكان هو كذلك يعرف اليوم الذي سينتقل فيه.
فتقدمت إليه وقلت له: "خذ إليك موسى الصبي القارئ وعلمه ترتيب البيعة وألحانها".. فأخذ إليه موسى وضمه إلى صدره وقال له. "يا ابني أقبل مني الروح الذي في فأني في اليوم السابع أتنيح".. وأن موسى قبل منه الروح وكان يزيد في القراءة والألحان.
ولما كان يوم نياحة القديس غاليون حضر الآباء والأخوة، وصلوا عليه، وكفنوه ودفنوه باحترام لائق.
ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
 
الآباء السواح، للقمص سمعان السرياني 
EL|27.08.2003
 
في عصر أحد الملوك الأرثوذكسيين الذين حكموا روما.. كان هناك أميراً تحت سلطانه مائة جندي...  أدركته النعمة الإلهية فقال للملك ، أريد الآن أن أترك هذا العالم الفاني لأني أريد الذهاب إلى البرية فاصير هناك راهباً... وأنه ركب سفينة إلى الاسكندرية، وبعدها سافر براً إلى طور سينا.. وكان ذلك بعد مائتي عام من نياحة القديس يوحنا الدرجي للفضائل وأب رهبان سيناء والقديس أنسطاس السينائي مدبر الرهبان اللذان ارتفعا في الفضيلة.. وكان عدد رهبان الدير وقتئذ مائتان وخمسون راهباً.
سلك القديس ستراتيوس في الدير بنسك شديد، وحرارة متوقدة بالرب يسوع المسيح فاستحق لباس اسكيم الرهبنة..، ولما أمضي في مجمع الدير عدة سنوات خدم خلالها الآباء الرهبان بكل محبة استأذن أبيه الروحي لكي يمضي إلى البرية فسمح له أبيه متفكراً أنه سيسكن في مغارة قريبة لا تبعد كثيراً عن الدير.. وأنه أخذ وشاحه وجريدته ومضى يسبح قائلاً: "ارفع عيني إلى الجبال من حيث يأتي عوني. معونتي من عند الرب صانع السموات والأرض، (مز121:1-2).
إلى أن وصل مغارة بعيد داخل البرية ، وهناك دوام على النسك الشديد والجهاد العنيف في حياته الروحية ومحبة الرب يسوع المسيح، وصار يقتات من الحشائش التي تنبت في الصخور ويشرب من ينبوع الماء الذي كان قريباً من هذه الحشائش في البرية.
لقد كان يطوي أياماً وهو صائم بعدها يأكل ملء يده من هذه الحشائش وقليل من الماء.
أما صلواته فكانت لا حصر لها لأنه تشبه بالروحانيين في تسبيحهم المستمر وصلواتهم التي لا تنقطع ... وقد دوام على ذلك أثني عشر عاماً.
لقد أعلن له أنه سينطلق من هذا العالم الفاني إلى العالم العتيد مع القديسين بعد أربعين يوماً...
فلما شعر بقرب نياحته رشم على الريح بعلامة الصليب المقدس الذي لربنا يسوع المسيح له المجد، فحمله للوقت وأتي به داخل الدير وهناك قابل أب الدير وقد صار شيخاً.. فلما سأله من أنت؟ أجاب أنا ابنك ستراتيوس الذي كنت معكم بالدير من أثني عشر عاماً.
وقد جئت الآن لأن أنطلاقي من هذا العالم قد قرب وسأمضي إلى العالم الجديد حيث الراحة الأبدية بعد أربعين يوماً.. وأريد أن أمضي هذه الأيام القليلة مع أباء الدير، وصلوات القديسين لأخذ بركتهم إلى أن أمضي.
ففرح به كثيراً وعانقه ثم دق الناقوس فحضر الآباء وفرحوا برؤية القديس السائح.. ثم أعطوه قلاية منفردة .. فدخل القلاية وأغلق الباب، ثم خرج دون أن أحد يدري، وذهب إلى قبر القديس يوحنا الدرجي (اكليماكوس) واضع سلم الفضائل وأب رهبنة فلسطين والمدير الفاضل وقبر القديس أنسطاس السينائي مدبر الرهبان، وجثا ساجداً على قبرهما لتؤازره صلوات هذان القديسان اللذان قد تقدماه منذ أكثر من مائتي عام..
وبينما هو يصلي ويتضرع إليهما ظهر له ملاك الرب وقال له يا ستراتيوس ها القديسان يوحنا وأنسطاس قد حضرا لك بالروح ليباركا عليك أيها القديس الطوباوي قبل انتقالك من هذا العالم... وللوقت رآهما وتبارك منهما، وقالا له:  نحن أيضاً سنكون وقت خروج روحك من جسدك، ونصلي عليك قي قلايتك التي أعطوها لك الآباء داخل الدير... وأعطياه السلام ثم مضيا ... وعاد بعدها إلى قلايته...
لم يخبر أحد بذلك سوى تلميذه إذ قال له يا ابني عند تمام سبعة وثلاثين يوماً  افتح علي باب القلاية إذ سأنطلق في ذلك اليوم من هذا العالم الفاني ولا تتوانى عن تعداد  هذه الأيام لتدفنوا جسدي...
فلما مضت تلك الأيام وحان ذلك الوقت قرعوا الباب فلم يجيبهم أحد، وأخيراً كسروا باب القلاية فوجدوه مسجى، وقد غطى ذاته بوشاحه الذي كان من الصوف الخشن...
لقد وجدوا شيئاً عجيباً إذ أبصروا بجواره شورية وبها فحم وبخوراً متصاعداً منها ذو رائحة  طيبة جداً، فلقد كان ذلك علامة أن الآباء السواح قد أتوا وصلوا عليه... وأن الآباء صلوا عليه بعد ذلك صلواتاً قصيرة ، ثم دفنوه بإكرام جزيل مع الآباء القديسين الأوائل بالدير، وفاحت من جسده روائح عطرية فائقة الوصف، وصار بركة لكثيرين..
ولربنا كل مجد وإكرام وسجود من الآن وإلى كل الدهور ، آمين.
 
الآباء السواح ، للقمص سمعان السرياني
EL|05.09.2003
 
في اليوم الثالث من شهر بؤونة المبارك بنيت أول كنيسة على اسم الشهيد العظيم مار جورجيوس بالديار المصرية ببلدة بئر ماء بالواحات، كما كرست باسمه في مثل هذا اليوم أيضاً كنيسة في بلدة مركز طنطا. وذلك أنه بعد هلاك دقلديانوس وملك الملك البار قسطنطين هدمت هياكل الأوثان، وبنيت الكنائس على أسماء الشهداء الأبطال، الذين جادوا بدمائهم في الذود عن الإيمان.
وكان بالديار المصرية قوم من الجنود المسيحيين ، وهبوا جزءاً من الأرض المقامة عليها برما الآن. وكان من بينهم شاب تقي وديع، يقيم بقطعة منها مع بعض المزارعين. وكان بتلك الجهة بئر للشرب. فسمع هذا سيرته. وكتبها وصار يتعزى بقراءتها بغير ملل. وحدث في ليلة اليوم الرابع والعشرين من شهر بشنس ، وهو قائم يصلي أن رأى جماعة من القديسين، وقد نزلوا بجوار هذه البئر، يسبحون الله ويرتلون بأصوات ملائكية، وهم محاطون بنور سماوي، فاستولت عليه الدهشة. وعندئذ، تقدم إليه واحد منهم في زي جندي، وعرفه أنه جورجيوس الذي استشهد على يد دقلديانوس. وأمره أن يبني له كنيسة في هذا الموضع، لأن هذه مشيئة الرب. ثم ارتفعت عنه الجماعة إلى السماء وهم يمجدون العلي. وقضى الشاب ليلته متيقظاً حتى الصباح، ومرت عليه عدة أيام وهو يفكر كيف يبنى هذه الكنيسة، وهو لا يملك ما يقوم بنفقات جزء بسيط منها. وفي إحدى الليالي هو واقف يصلي، ظهر له الشهيد العظيم جورجيوس وحدد له مكان الكنيسة، ثم أرشده إلى مكان وقال له أحفر هنا، وستجد ما تبني به الكنيسة. ولما استيقظ في الصباح ذهب على حيث أرشده الشهيد الجليل، وحفر فوجد إناء مملوءاً ذهباً وفضة، فسبح الله وعظم قديسه وبنى الكنيسة. ثم استدعى الأب البطريرك وكرسها في مثل هذا اليوم . وبنيت المنازل بجوار هذه الكنيسة، وسميت هذه الجهة (بئر ماء) نسبة إلى بئر الماء التي بنيت بجوارها الكنيسة. ويجري الاحتفال بهذا التذكار المجيد في هذه البلدة سنوياً. وهناك تظهر الآيات الباهرة من إخراج الشياطين وشفاء المرضى بشفاعة هذا الشهيد العظيم. صلاته تكون معنا . آمين.
ونقلت أعضاء القديس جورجيوس التي كانت محفوظة في بيعته من مدينة بئر ماء بالواحات إلى دير أنبا صموئيل بمعرفة رهبانه، وذلك في أيام الأب القديس متاؤوس البطريرك (87) ، ورئاسة الأب القس زكري ابن القمص والأب الراهب سليمان القلموني.  وفي عهد رئاسة البابا غبريال البطريرك (88) نقلت أعضاء القديس إلى الكنيسة المعروفة باسمه بمصر القديمة وكان ذلك يوم 16 أبيب سنة 1240 ش
(10 يوليو سنة 1524 م).
السنكسار
EL\07.09.2003

 

 

نبذه عن الكنيسة قداسة البابا شنودة الثالث تاريخ الكنيسة القبطية الآباء البطاركة  صور لها تاريخ الأعلام والكنيسة برامج الخدمة أنشطة واجتماعات مقالات مختلفة ألا ديره  مواقع اخرى الصفحة الرئيسية    

Wer sind wir?  Papst Shenouda III Père Mikhaïl  Medien  Geschichte Texte zum Nachdenken  Deutschschweiz Suisse Romande  Gottesdienste  Messes  Links  Home 

bulletDie E-Mail Adresse für Anregungen und Kommentare adel@coptic-churches.ch

                                                                                                                                        Last Update 28-11-2004